المدرسة الفكرية

 

 

محمد بن زاهر العبري

 

غيبت الألعاب الإلكترونية وما شابهها الحوار الفكري بين الأهل وأبنائهم، مما خلق فجوة وهوة كبيرة بينهم نتج عنها عزلة كلية استغلها مروجو تلك الأجهزة وسمومهم التي زرعوها بداخل تلك الألعاب.

ومع كل ما تحمله من أفكار هدامة، أصبح من الصعب مُحاربتها بالنصح والإرشاد مع أبنائهم، بينما تحولت لغة الحوار إلى شجار يومي بالانفصال عن تلك الأجهزة بالأمر والذي لم يعد يجدٍ معهم نفعاً. هذه الألعاب صنعت خصيصا لتهدم معتقداتنا وأدبياتنا وتربيتنا لأبنائنا هي من صنع أشخاص يهدفون فيما يهدفون إلى تجريد أبنائنا منها، وليخرجوا من تلك الرحلة مع عالمهم فارغين بلا هدف ولا مضمون ولا حتى فائدة يرجونها من ذلك الجلوس مع حواسيبهم وهواتفهم التي انعزلوا معها بعيدا عن الجلسات العائلية والزيارات الخاصة بهم.

أصبحنا نفتقد حوارات الأطفال التي نتنبأ من خلالها بما ينتظرهم مستقبلا، وما الذي يُخططون لأجله؛ لنكون معهم بذلك التخطيط وتلك النظرة المستقبلية البعيدة... قلما نجد طفلا اليوم يتشارك مع أسرته أحلامه وأمنياته.. عوضًا عن ذلك أصبح يتشارك بها مع ألعابه فلقد بات هدفه غير واضح، خاصة من زرعوا برأسه أنه قادر على كل شيء، حتى وإن كلفه ذلك الاستغناء عن دراسته وعالمه الطبيعي..

السموم التي أصبحت تصب برؤوس أبنائنا هي ليست دمارًا عليهم وحدهم؛ بل أصبحت تطال المجتمع قبل أسرهم، نسأل الله السلامة من تلك الغرف المُقفلة عليهم  بحجة الدراسة، التيقظ على عوالمهم مبكرًا من الأولويات التي تحمينا جميعاً مما قد يتسبب بشيء لايُحمد عقباه.

نُريد مدرسة فكرية جديدة لأبنائنا أن يتخرجوا منها بفكر سليم متعافٍ من كل معتقد مضلل أو انحياز متخلف أو تصرف وسلوك لا يمت لأخلاقياتنا بصلة مغاير جدا، نريدهم فعلا من خريجي تلك المدرسة المُحمدية بخلقهم وأدبهم ورقيهم وانضمامهم لمن سبقوهم في البذل والعطاء والإضافة في العلم والابتكار والبحث العلمي والتميز بإبداعهم، هذه المدارس التي نود لهم أن يتخرجوا فيها بفكر يسهم وينجز ويحفز غيره على المواصلة والتحدي لإثبات الأفضل، وبذلك نصنع مجتمعا مكملا لبعضه.. يدفع عجلة التقدم للأمام ويسهم في إعداد جيل مهيأ مؤهل وعلى خلق واحترام لجذوره وأصوله ومجتمعه ووطنه.

تعليق عبر الفيس بوك