هل تعلمنا الدرس؟!

 

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

 

التاريخ دائمًا يُعطي الكثير من الدروس والعِبر التي من المُفترض أن يتم التعلم منها وما حدث سابقًا في أزمة كورونا وما يحدث الآن في الأزمة الروسية- الأوكرانية والتأثيرات المحتملة اقتصاديا وسياسيا، يدفعنا للتفكير متى سيحين الوقت للدول العربية أن تحقق الاكتفاء الذاتي من العديد من السلع الغذائية التي لسنوات طويلة لا تزال تستوردها من الخارج وما يصاحب ذلك من تكاليف باهظة تزداد وقت الأزمات دون وجود ردة فعل تقلل من تلك التأثيرات في قادم الوقت.

في المُقابل كشفت الأزمة الروسية الأوكرانية أن معايير الأخلاق والقوانين والمثالية التي كانت تتشدق بها الكثير من المنظمات الدولية والكثير من المصدقين لهذه العبارات والأقوال إنها مجرد حبر على ورق وتكون حسب المزاج والظروف السياسية، فكلنا شاهدنا ما حصل في الكثير من الدول سواء العربية أو غير العربية من حروب ومخالفات صريحة للقوانين والأعراف الدولية ولم تحرك تلك المنظمات وكذلك الدول الأوروبية ساكنا تجاه تلك التجاوزات التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء بدم بارد أمام أنظار العالم.

نقطة أخرى أن الإعلام الغربي يردد مفهوم "الإرهاب " وربطه بالإسلام رغم أنه بريء من هذا الافتراء، وما نشاهده من مجازر وانتهاكات في الكثير من الدول وآخرها في الأزمة الروسية الأوكرانية يدل بوضوح على أن الإرهاب والحروب لا ترتبط بديانة معينة. وقد شاهد الجميع عنجهية وعنصرية الغرب الذي كان يتشدق بالمثالية من خلال مشاهد التمييز بين اللاجئين من الحرب الروسية الأوكرانية عند معابر الحدود، وتصريحات بعض الرؤساء والإعلاميين الغربيين بأن "الدم الأوروبي غال" ولا يمكن مقارنته بالعرقيات الأخرى، في مشهد يدل على زيف الادعاءات السابقة التي كانت تملأ الكثير من المؤتمرات والتصريحات التي تحاول إلصاق الظلم والتمييز للدول العربية والإسلامية.

للإسف أن العديد من المفكرين والأدباء وحتى الرأي العام العربي، كان يصدق مثل تلك الادعاءات والتصريحات، ويعيش في وهم أن المثالية والمدينة الفاضلة لا توجد إلا في الدول الغربية، على الرغم من الدرس المجاني لأزمة كورونا وكيفية تعامل الدول الغربية مع مواطنيها وتعامل الدول العربية ولا سيما الخليجية مع المواطنين والمقيمين، والاختلاف الشاسع في الآلية والطريقة التي ضحت عبرها الدول العربية بالمال من أجل صحة وسلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها.

ختامًا.. وقت الأزمة المواطن هو من يقف مع بلده ويظل مدافعًا عنها بشتى الطرق الممكنة ويفر المستثمر والمقيم لإيجاد أقرب ملاذ آمن له ولعائلته؛ فبالتالي الأزمة الروسية الأوكرانية أعطتنا درساً مجانياً بأهمية المحافظة والاهتمام بالعنصر البشري المواطن، فهو الحصن الحصين لوطنه، إضافة إلى أهمية تعزيز وتنمية ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي الغذائي، بدلًا من أن تكون بعض الدول تحت رحمة الظروف والسياسات، وما يصاحبها من ارتفاع فاتورة تكلفة الاعتماد الخارجي لتوفير الكثير من الاحتياجات الضرورية.