حمود بن علي الطوقي
حظيت التعليمات السامية بخفض قيمة رسوم استقدام القوى العاملة غير العُمانية، بترحيبٍ كبيرٍ من قبل الشركات بمُختلف درجاتها التجارية خاصة تلك الشركات التي تندرج ضمن فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وجاءت التوصيات السامية خلال لقاء جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بشيوخ مُحافظات مسقط وجنوب الباطنة ومسندم؛ لتُؤكد حرص القيادة الرشيدة على تضمين المنظور الاقتصادي على حساب النظرة المالية الضيقة التي قد لا تسعف القطاع الاقتصادي والقطاع الخاص بشكل عام.
والنَّظرة التي يُؤمن بها جلالته- حفظه الله- تتمثل في التخطيط الاقتصادي السليم والتي تساهم في رفد القطاع الخاص وتوسيع هذا القطاع؛ لكي يلعب دوره المناط في تحريك العجلة الاقتصادية وتشجيع الشركات لكي تسهم بدورها في التنمية المستدامة وفق رؤية "عُمان 2040".
من هنا تأتي هذه الإرادة السامية لتصحيح الأوضاع بهدف معالجة التشوهات في سوق العمل، ولعلَّ هذا التوجه بخفض رسوم المأذونيات يجب أن يواكبه تصحيح في المسارات المنظمة لقطاع الأعمال فجلالته يؤكد وبتوجيه: "بالنسبة للرسوم على العاملين أو الوظائف للأجانب وعندما ننظر ونخفض هذه الرسوم فإنَّ القصد منها أن تقوم هذه المؤسسات بالالتزام بنسب التعمين، والقطاع الذي يلتزم ويشغل أبناءنا ستكون له الأولوية وسنقوم بدعمه"، وهذه إشارة واضحة وصريحة لتصحيح المسار بحيث يكون القطاع الخاص شريكا استراتيجيا للحكومة في معالجة تشوهات سوق العمل.
أُجزم أنه آن الأوان لصدور تشريع قانوني يُنظم القطاع الخاص ويجرم التجاوزات ويُعالج مشاكل التجارة المستترة، وبذلك سنكون قد وضعنا المفصل على المقصل والدواء على الجرح، وبهذه الخطوة سنصل إلى حل لأحد أهم التحديات التي واكبت قطاع العمل والأعمال على مدار السنوات الماضية.
أجدني أكتب من جديد في هذا الموضوع، وقد أشبع نقاشًا وتحليلًا على كافة المستويات، ولعل هذه الخطوة لتخفيض الرسوم ستشجع على توسيع السوق واستقدام مئات من القوى العاملة الوافدة التي بدورها ستُساهم في دفع العجلة الاقتصادية ويتطلب منا جميعًا التعاون للاستفادة بأعلى الدرجات المهنية في تعميق السوق والعمل على أن يكون سوقا منظما يعود بالنفع على الجميع .
إنَّ قناعتنا بأن هناك حاجة لتغيير مسار البوصلة ليكون المواطن العماني من يدير تجارته ويبقى الوافد عاملا يتقاضى راتبه الشهري وحقوقه كما حددها القانون. وربما لا بُد من مناقشة هذا الملف من خلال غرفة تجارة وصناعة عمان (بيت التجار) لتضع حلولًا قابلة للتطبيق والتنفيذ لمعالجة والحد من هذه الظاهرة واقتراح الحلول البديلة المناسبة، ونتمنى كمجتمع رجال الأعمال أن تكون الحلول المطروحة مناسبة وتحقق أهداف الأطراف ذات العلاقة.
يجب هنا أن نكون واقعيين ونشير إلى المواطن (الكفيل) الذي فضّل أن يكون مساهما في تمكين الوافد من التحكم في سوق العمل، بينما يظل هو اسما وواجهة للنشاط التجاري.
إن الأمر يتطلب أن نتعاون جميعا مواطنين وتجار ومسؤولين لرسم خارطة طريق جديدة قادرة على توجيه البوصلة نحو تمكين التاجر العماني إلى آفاق جديدة، كما أراد ذلك مولانا جلالة السلطان المعظم- حفظه الله-.