نظرية النظم لعبد القاهر الجرجاني

 

ميثاء بنت ناصر الجابرية

نرى أن المعنى الواحد يُعبر عنه بطرائق كثيرة جدًا، فإذا أردت أن تعرف البلاغة على حقيقتها، فعليك أن تأتي بمعنى واحد وأن تأتي بطرائق التعبير عنه في كلام النَّاس، لترى كيف يكون العناء وكيف يكون التعب وكيف يكون الشغل في اختيار هذه الطرائق.

فكثيرٌ من النَّاس تحدثوا عن الهوى، وكثير من الناس تحدثوا عن الجوى، وكثير من الناس تحدثوا عن الكرم، فلو أردت في عصر من العصور أو زمن من الأزمان، أن تكتب موضوعًا لتفهم البلاغة على وجهها وأن تقوم طرائق التعبير عن الكرم في الشعر الجاهلي مثلًا، وأن تأتي المعنى واحدا وهو الكرم ولكن يتفاوتون جدًا في التعبير عن هذا المعنى الواحد، وتظهر الصنعة هاهنا إذا جمعت المعنى الواحد والأشكال التركيبية التي تعبر عن هذا المعنى هذا هو الذي يُوقد البلاغة وهو الذي يُرد الذوق عنده، لماذا لأنك ستوضع في معترك كيف تفاضل بين هؤلاء في التعبير عن المعنى، فمنهم من يختار كناية ليدل بها على الكرم وحتى لو اختار كنايةً سترى غيره قد اختار كنايةً كما عبّروا عن الكرم بجبن الكلب، وعبروا عن الكرم بكثرة الرماد، وعبروا عن الكرم بهزار الفصيل.

وحتى حينما يأخذون نمطا معينا يتفاوتون في كيفية بنائه، فلا يمكن أن يكون البناء واحدًا، فليس هناك نموذج محدد إذا أردت أن تعبر عن الكرم فخذ هذا النموذج، لا يوجد هذا في العربية وربما يوجد في لغات أخرى ضربة لازب عندها يكون تركيب الجملة على هذا النحو.

نظرية النظم في كتاب "دلائل الإعجاز" شُرحت وعرضت بشكل موسع من قبل عبد القاهر الجرجاني، وفي مُقدمته عرّف الأنظمة على أنها ثلاثة: اسم وفعل وحرف، والملاحظة بينها معروفة، بما لا يزيد عن ثلاثة أقسام: أرفق اسم باسم، اسم مرتبط بفعل، وحرف مرفق به) وكان هذا أول اتصال بين الأنظمة وعلم يجب مراعاة القواعد النحوية والمعاني النحوية والصرفية، ويقبل المجتمع بنظام الجورجية المعتزلة وليس الأشعري.

الفرق بين أنظمة الرسائل وأنظمة الكلام:

هيكلة الحروف: هذا هو الخلاف في النطق فقط، وليس تنظيمها بمصطلحات ذات مغزى، والمنظم ليس لها ببيان رسم العقل، فإذا قال مؤلف اللغة: "أصاب المكان". الضرب "الذي لن يؤدي إلى الفساد بالنسبة لأنظمة الكلام: يحتاجون في أنظمتهم إلى آثار المعنى وترتيبها في ترتيب المعنى في الروح، وليس الأنظمة تعني إشراك الشيء في الطريقة التي جاء بها واتفق عليها.

ملخص كلام الجرجاني، أن الأنظمة هي تصور معاني القواعد وحكمها بين الكلمات من حيث العلاقات، حيث تقول وتعرف أن هذه الأنظمة ليست سوى وضع كلامك في الموقف الذي يتطلب علم النحو، والعمل وفقًا للقوانين. والمبادئ، ومعرفة المناهج المعتمدة، فلا تحيد عنها، واحتفظ بالرسومات المرسومة فلا تبخل في شيء.

ويوضح التعريف الشامل العلاقة بين القواعد والدلالات في تعريف نظرية النظم... ما هو الفرق بين النظم والقواعد؟

عندما نشير إلى نصوص عبد القاهر حول الأنظمة التي اعتبرها أنصار إحياء النحو رسمًا لطريقة جديدة في النحو، نجد تمييزًا واضحًا بين القواعد والأنظمة.

إن معاني القواعد ثابتة ولا تحتاج إلى مجهود ومُعاناة، لأن هذه الأنظمة في اختيار جيد وتنظر إلى وجوه كل فصل، وتنظر إلى صور الأخبار، وطرق الشرط والتأكيد والوصف، وهذا يأتي عند الضرورة، وهذا يحتاج إلى الكثير من التقدير، والحس الأدبي، والصوت، وتلك الأعمال فوق عمل البحث الصواب والخطأ، وهنا ترتبط البلاغة ارتباطًا وثيقًا بالقواعد، حيث تبدأ مهمتها بغض النظر عن المكان الذي تنتهي فيه المهمة النحوية، لأنها ستتعامل مع الصورة الصحيحة التي تدور حول هدف واحد لمعرفة أيهما أعلى في الخطابة.

تعليق عبر الفيس بوك