وانتهى العيد المَسقطي للكتاب

أنيسة الهوتية

انتهى عيدُ الكِتاب بسلامٍ وجمالٍ وعُذوبة، ولم تكن المشاعر في تلك الأرجاء طبيعية، رغم أنني لم أقُم بزيارة الأرض الثقافية المُقدسة سِوى مرتين؛ لكِنهما كانتا كفيلتين بزرع السعادة في قلبي، خاصة عندما رأيتُ أشخاصاً مضت على رؤيتي لهم سنوات طويلة، وتمنيت أن أصادف آخرين، مِنهم من أحبُ أن أقرأ لهُ كثيراً فيشدني عقله إلى معرفته، ومنهم من كان لنا معرفةٌ سابقة وأبعدتنا مسافات الزمن الطويلة إلا أنَّ الحظ لم يَكُن حليفاً للقائهم... للأسف!

والاحتفال الذي لم يكتمل لتوقيع الإصدار "ألوان الحُب الثمانية" نظرًا لنفاد عدد النسخ، وخشيتي للذهاب مرة أخرى بعدما تعبت أن أرد بالاعتذار على كل من سألني عنه، وشعوري بالإحراج المتراكم منهم، رغم النجاح غير المتوقع، خاصة لهذه المادة التي كتبتها قبل سنين طويلة وما زال يعبق حبرها برائحة فكر فتاة لم تتعدَ العشرين عامًا. وحتى لا أغيّر هذا العبق لم أغير لغة الكتابة فيها وحاولت أن أقفلها بذات اللغة والتي كانت صعبة عليَّ لأنني تخطيت العشرين بضعف والحمدلله رب العالمين على عطائه وكرمه، وبالأمس كان التعليق من إحدى القارئات بأنَّ هذا الإصدار سيكون جمهوره من الفئة الشابة وبالأخص الفتيات، لأنه شعورياً يُلائم هذا العمر بالتحديد.. تفاجأتُ من تعليقها! ولكن على ما يبدو فعلاً أن كل مرحلة عمرية تخاطب في كتابتها نفس مرحلتها العمرية، خاصةً إذا كانت الكتابة بِشُجون، ولَكن هُناك شَبابٌ فوق الخمسين ولاشَكَ بأنهم سيكونون ضِمناً من الجمهور! وقارئةٌ أخرى علقت بأنها كل ما قرأت تخيلت بأنها تشاهد مسلسلاً خليجياً رمضانياً! وقد أعجبني هذا التعليق جِدًا.

لَكِن أزعجني قُراءَ آخرون بتعليقهم على بعض إصدارات الإخوة والأخوات العمانيين من الكُتاب والروائيين بوصف الأحداث بأنها محشوة بالكلام، أو بطيئة جدًا، والبعض الآخر وصف إصدارات أخرى بأنها بسيطة جدًا وخفيفة! فكان ردي لهم بكل بساطة: بأنكم لم تشتروا كُتُبًا مناسبة لذائقتكم ومستوى عقولكم وأعماركم، فبالتالي هذا خطأٌ فادحٌ مِنكم وليس من الكُتاب والرواة! كُل كَاتبٍ وروائي أو حتى شاعر وقاص يكتب ما يُمليهِ عليه فكره، وشجونه، ولربما موقف عبر به أو بشخصٍ قريبٍ منه ناهيك عن الكتب النقدية، والتاريخية، والعلمية، والدينية، والسياسية، والأدبية إلى آخره! أرأيتُم أن الكُتب أنواع! فيا عزيز القارئ عندما تذهب إلى معرض الكتاب، والذي يصف الكتاب بوصف المفرد ولكن المقصود به الجمع، لأن الموجود هُناك أنواعٌ كثيرةٌ مِن الكُتب، وكل نوع يتفرع إلى أنواع، وفي النهاية المعرض كالشجرة التي تنبت أنواعاً مُشكلة من الفواكه، وأنت بيدك قطفت منها ثمرة وأكلتها ثم انتقدتها علنًا دون برهان أو دليل!! وهذا أمرٌ لم يكن ينبغي أن يحدث، فَكانَ عليكَ أن تقول إنها لَم تَرُق لَك، لكن لا تقل إنها سيئة، خاصةً إذا كانَت قد نالت جائزة عالمية!

سلطنة عُمان تحفل بالكثيير من الكُتاب والشعراء والروائيين المُميزين من الجنسين، أحياناً أشعر بأننا الدولة الوحيدة في العالم التي ينتمي لها هذا الكَم الهائل من الأدب الجميل في شتى المجالات، والجوائز العالمية التي حصلوا عليها على مختلف أنواع الأدب تشهد على ذلك التميز. فهل من المعقول أن تنتقد كِتابًا نال على جائزة أو جوائز عالمية فقط، لأنها لم ترُق لذائقتك؟!

وفي النهاية أقول إنَّ القُراء أصحاب ذائقاتٍ، فَكُن قارئًا راقيًا واستمتع بقراءة ما يروق لذائقتك؛ فالمعرض كان مُمتلئًا بشتى أنواع الكتب، والقصص والروايات العاطفية، والبوليسية، والرعب، والأشباح، والسحر، وتلك المُترجمة من الثقافات الأخرى والتاريخية وغيرها، حسب ثقافة ورغبة القارئ الذي يتحكم بهِ ميوله العُمرية والثقافية والفكرية والمعرفية أيضًا.

أما عن نفسي فقد جمعتُ قصص الأطفال المصوّرة والملونة بنهمٍ وشراهةٍ.