الرؤية- ناصر العبري
دعا الناشط البيئي محمد بن مبارك سهيل عكعاك (الشهير بأبو جاسم العربي) إلى أهمية مسارعة الجهود الرامية إلى حماية الموطن الأصلي لشجرة اللبان في عدد من المناطق بمحافظة ظفار، محذرا من أن أنشطة شركات الكسارات والمحاجر تهدد بالقضاء على هذه الشجرة وإحداث أضرار بيئية لا تحمد عقباها.
وقال عكعاك- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن شجرة اللبان "Boswellia sacra" تعد واحدة من أهم وأشهر النباتات في العالم خاصة في الحضارات القديمة؛ حيث ذكرها الفراعنة والرومان والكثير من الرحالة الغربيين والكتاب العرب؛ حيث كانت تساوي ذهبًا في بعض الأحيان في الحضارة الرومانية، أو في الاكتشافات الأخيرة للقيمة المميزة لها في المجال الطبي. وأوضح أنه رغم الأهمية الكبيرة لهذه الشجرة باعتبارها رمزا عمانياً أصيلًا، ويتخذه عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة شعارا في العديد من المناسبات وكان آخرها في إكسبو دبي، إلا أنها تواجه الإهمال منذ أن استغنى عنها الكثير من أبنائها منذ أكثر من 30 سنة، ويتمثل ذلك في اختفاء الكثير من الخبراء في استخراج اللبان بالطريقة الصحيحة، مما فتح المجال أمام غير المختصين من العمالة الوافدة أو الذين يطلبون محصولا أكبر بغض النظر عن إيذاء الشجرة، ولا يلتزمون بتقاليد الأجداد في التعامل مع هذه الشجرة النبيلة الكريمة بشكل مستدام. وحذر عكعاك من أن الرعي الجائر يؤثر أيضاً على هذه الأشجار في مختلف مناطق ظفار، كما يوقد العديد من الرحالة النار من أجل الطبخ تحت جذوعها الرئيسية، إضافة إلى بعض الحشرات التي تحفر في سيقان هذه الأشجار.
وأشار عكعاك إلى أن أشجار اللبان المزروعة يستخرج منها اللبان عديم الجودة، وقال: "مهما صرفت جهات الاختصاص من أموال من أجل استزراع أشجار اللبان فلا يوجد لبان أفضل من لبان الأشجار في موطنها الأصلي؛ سواء اللبان القادم من نجد ظفار أو سمحان أو ريسوت أو المغسيل أو رخيوت أو غيرها من المعاقل الطبيعية لأشجار اللبان في ظفار". وأضاف أنه من الأجدى المحافظة على معاقل اللبان لتنمو بشكل طبيعي في موطنها الأصلي. وأوضح أن هناك تشكيلات جغرافية فريدة من نوعها في ظفار، ليس فقط الكتلتين الشرقية والغربية المتأثرتين بأمطار الخريف؛ بل أيضا القطعة الجغرافية الواقعة بين الكتلتين، من ريسوت مرورا بعدونب ومودام والمغسيل ووادي عفول، وصولا إلى المناطق المتأثرة بالخريف في جبال القمر، حيث إنَّ هذه المناطق تعد معاقل لأشجار اللبان.
وقال عكعاك إن هذه المناطق تزخر بأعداد كبيرة من أشجار اللبان تكفي لأن ترفع عنَّا حرج الانضمام إلى اتفاقية السايستس (CITES) التي ستنهي تجارة اللبان في العالم (علما بأن عمان والهند والصومال هي الدول المنتجة للبان)، وهذا سيشكل أزمة اقتصادية واجتماعية في المجتمعات القائمة على تجارة اللبان، حيث إن هذه الاتفاقية تهدف لحماية أشجار اللبان من الانقراض لكن بطريقة متشددة للغاية، متجاهلة مفهوم الاستدامة. وقال إنه بقدر ما تزخر تلك التلال المباركة بالمئات من أشجار اللبان، بالقدر الذي تواصل شركات المحاجر عملية التكسير والتدمير المستمر للأشجار منذ عام 2003.
وأوضح عكعاك أنه في الوقت الذي يثمن فيه الأهالي دور مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، والعديد من الجهات المختصة، إلا أن الشركات باتت أكثر إصرارًا على مواصلة أعمالها في هذه المناطق والإضرار بالشجرة، مطالبًا الجميع ببذل المزيد من الجهود من أجل المحافظة على أحد أهم الموائل الطبيعية لشجرة اللبان في العالم.
ونفى عكعاك ما يثار حول أن الأهالي يعرقلون خطط التنمية، لكنه أكد أن الجميع ضد الخطط التي تهدد البيئة ولا تنفع الدولة أو المجتمع المحلي، بينما يعود المردود البسيط من تلك المحاجر لشركات ومؤسسات خاصة، علاوة على أن كل المواد المستخرجة يتم تصديرها مباشرة خارج السلطنة.
