أثنى على صدام حسين.. قراءة في مذكرات محمد جواد ظريف "سعادة السفير"

صدر عن دار أوال في بيروت كتاب (سعادة السفير)، الذي يستعرض التجربة الشخصية لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

ويقع الكتاب في 487 صفحة، ويسرد من خلاله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أسرار عالم الدبلوماسية وخفاياها وما يدور في أروقتها، وكيف يتعامل الدبلوماسيون فيما بينهم، ويعرف الدبلوماسية بتعريف بسيط وعميق في آن ٍ واحد فيقول: هي فن الحصول على أكثر المصالح بأقل التكاليف.

ويكشف ظريف من خلال الكتاب شخصيات كبيرة اعترضت طريقه وعارضت وجوده في الخارجية، ونقل ظريف أراء واقعية عن العلاقة مع أمريكا، وأثني على صدام حسين من خلال الإشارة إلى واقع الدبلوماسية العراقية أثناء المفاوضات، ومعاملة المندوب الدائم للعراق عصمت كتاني مع الوفد الايراني أبان تلك الفترة.

 كما يعرج ظريف على قلة خبرة الدبلوماسيين الايرانيين في التعامل مع القانون الدولي والاعراف الدبلوماسية، ولعل القارئ سيُصدم بما يقوله ظريف عن ابيه بأنه كان معارضاً للثورة، وعن معاناته في وزارة الخارجية من التيار المحافظ ، وكيف كان يصفونه بالسيد واشنطن، كما سيرى القارئ اراء جون بولتون وكيسنجر والصحافة الامريكية في ظريف.

وتناول ظريق حقبة الرئيس الايراني السابق أحمدي نجاد، حيث كشف نقده اللاذع له ويقول: إن تأثير الخطاب المتشدد لنجاد ساهم في خلق بيئة معادية لإيران (ص342)، وقال إن نجاد عمل على تحطيم الهيكل البنيوي لوزارة الخارجية الإيرانية.

Noor-Book.com  سعادة السفير محمد جواد ظريف 2 _Page_001.jpg
 

وعن التواجد الايراني في العراق قال: إن تواجدنا في العراق يضعفنا ونحن نعاني من أخطاء تنفيذية (ص449) ويصف الصراع الإيراني الأمريكي بأنه استنزاف يصب في صالح الدول الأخرى أي المناوئة لإيران

ويقول محمد جواد ظريف، إنه ابن وحفيد أشهر كبار التجار الايرانيين في بازار العاصمة طهران، وكان أبوه معارضاً للثورة الاسلامية حتى وفاته عام 1984 ، وهنا يشير ظريف من طرف خفي أن والده كان يؤيد أوعلى أقل تقدير غير معارض للشاه، فقد ذكر إن والده كان معارضاً للثوريين وللجمهورية الاسلامية قبل الثورة وبقي معارضاً لها حتى وفاته، كان ظريف شاباً يافعاً ابن السابعة عشر ربيعاً حينما أرسله أبوه الى أمريكا ليُبْعِدَه عن الحراك الثوري آنذاك، وليكمل دراسته، فقُبلَ في ثانوية سان فرانسيسكو ثم تقدم لجامعة كولومبيا، لكنه لم يحصل على مقعد دراسي فتحول الى جامعة دنفر Denver ليدرس علوم الكومبيوتر.

وانخرط الشاب في العمل السياسي وبدأ الاتصال بشباب الجمعية الإسلامية في أمريكا وعكف على قراءة الكتب الثورية، لكن لقاءاً حدث بينه وبين مندوب إيران في الأمم المتحدة حسين شيخ الاسلام بعد الثورة غير مجرى حياته، قال له جملة بقيت راسخة في مخيلته : ( يستطيع الجميع التخصص في علوم الكومبيوتر، لكنهم لا يستطيعون أن يصبحوا سياسيين جيدين للجمهورية الإسلامية ( ص41)، وبعد ذلك انتقل الى جامعة سان فرانسيسكو لدراسة العلاقة الدولية حاصلاً على شهادة الماجستير، ثم انتقل الى جامعة كولومبيا Columbia في نيويورك لدراسة الدكتوراه.

وعمل ظريف كموظف محلي في سفارة بلاده ، ولم يكن دبلوماسياً رسميا، وفي العام 1988 أي بعد نهاية الحرب العراقية الايرانية عين في وزارة الخارجية كدبلوماسي رسمي، وحضر وساهم مساهمة فعالة في المفاوضات لإصدار القرار 598 القاضي بايقاف الحرب العراقية الايرانية يتحدث ظريف عن تلك الفترة فيقول: أصبحت قائماً بأعمال البعثة الإيرانية وأنا موظفا محليا اتقاضى راتباً متواضعاً جداً، وكانت هذه من عجائب الدبلوماسية

وعمل ظريف في أروقة الأمم المتحدة وسط مقاطعة أكثر الدول لهم ويقول: كنا ندخل إلى قاعة الأمم المتحدة فكانت غالبية الوفود تتحاشى اللقاء بنا أو الحديث إلينا وكنا شبه منبوذين .

ويضيف: لم تتصرف إيران بواقعية مع مجلس الأمن، وكانت علاقتنا مع الدول الأعضاء سيئة للغاية، وأضاف أن علاقتنا بالوفد العراقي كانت سيئة، فكانت لغة الشتائم هي السائدة بين مندوبي البلدين رجائي، ورياض القيسي وكانت تطلق في الاجتماعات الرسمية وباللغة الانجليزية، لكنه يقول إن علاقتي كانت جيدة مع مندوب العراق السيد عصمت كتاني والتقيته ببرنامج تلفزيوني، فسلم عليَّ ورددت عليه السلام وبقينا أصدقاء حتى وفاته رغم العداء بين البلدين.

ويقول ظريف عن لغة الخطاب السياسي مع الغرب وطريقة إقناع الغربيين بوجهة نظرك عليك اأ تكون واقعياً عقلانياً تبتعد عن لغة التأزيم، ويقول: إذا كنت تريد من الغربيين أن يستمعوا إليك ويقبلوا بنظرتك يجب أن يكون كلامك محسوباً ودقيقاً.

ويقول ظريف عن الرئيس صدام حسين: إن صدام كان شخصا ذكيا، ويضيف لقد أنشأنا علاقات مع برزان الاخ غير الشقيق لصدام أدت الى تبادل الرسائل بين رفسنجاني وصدام، ولكن صدام ظل يعتقد إلى يوم إعدامه أن إيران خطراً وعدواً اساسياً للعراق.

ورغم العلاقة المتوترة بينه وبين جون بولتون ممثل أمريكا الدائم في الأمم المتحدة انذاك فقد قال عنه بولتون: ليت لدينا ديبلوماسياً كالسيد ظريف يمكن توضيح سياستنا بهذا الشكل الجيد.

Noor-Book.com  سعادة السفير محمد جواد ظريف 2 _Page_003.jpg
 

أما بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة فينظر ظريففيقول: إن العلاقة مع أمريكا هي أداة يجب الاستفادة منها في تحقيق المصالح الوطنية، والعلاقة مع أمريكا ليست واجبة وبنفس الوقت ليست حرام، ويضيف أن الامريكان ليسوا أصدقاء لنا ويجب أن لا نضع بين أيديهم الأدوات والأسلحة التي سيحاربوننا بها، لكن لا يمكن تجنب الحوار والعلاقة معهم.

تعليق عبر الفيس بوك