بوح الكلمات

 

وداد الإسطنبولي

مشهدٌ صامتٌ لا يُكْتَبُ فيه حوار؛ وقت السيناريو ينقضي هكذا... كانت كالصنم لا حراك، حتى طرف عينها لا يرمش ماذا حدث؟

تقول وداد في سريرة نفسها: أمَّا هذا النص بحد ذاته كان محيرًا؛ وجدتُ أساسيات الكتابة ومهاراتها تتكسر، والتعبير عن مخلجاتي غدا يضمر وكل حروف اللغة توقفت.

تجاوبها باستنكار: وشريط السيناريو هذا الذي يمر بين مقلتيك ألا ترينه؟ السطور تنتظر بث الحروف، والكلمات سال لعابها تريد أن تستنطق، والشعور تعدى درجة الغليان، يفور فيركل كراته النارية كغضب بركان ثائر يبعث في نفسك رائحة الرماد القديم، وأنت واقفٌ كمن مسه مس كهربائي أو جَمَّدَهُ الجليد.

نطقت كمن تلبسه شيء: لأنهم لا يعرفون مَن هو أبي، وكيف كان؟ وكيف يزن الكلام؟ وما مدى بعد النظر لديه؟ وكيف قوله صدق! وأفعاله مروءة! إن كُسِرَ شيء جبره، وإن تفرق أحد جمعه، سديدُ الرأي، وحكيمٌ عند المعضلات، أصغر قومه أنطقهم لسانًا.

لا تدركين صعوبة كتابتي في هذا الأمر، لأنك لا تعلمين هويته، وأنا لا أعلم كيف أبدأ في الحديث عنه، شجعني حديث الكاتب الفارسي بقوله في مقاله:" إننا مقصرون تجاه أبنائنا في الحب،" وأقول له: "ونحن مقصرون في مشاعرنا تجاه والدينا."

كأن مشاعرنا مسلوبة وعواطفنا خرساء، حتى لمن نحب، لا نعرف كيف نتفوه وكيف نعبر عن هذه المشاعر، أنتخذ العيون سبيلا لأهدي باقة الحب أم بقارب شفتاي العريض. هل البنية الثابتة المقيتة رسخت جذورها أم سقاية التربية؟ ربما العادات والتقاليد أكتمت المشاعر.

على يده تعلمتُ الكثير، ولقنني دروسًا عدة لم أستجب لبعضها وقتها، كنت لا أجد سبيلًا لأحاديثَ تضغط نفسيتي، ربما كنتُ هكذا أراها، ومنها ما أثرت على وجداني وتركت بصمةً متألقة في حياتي.

لا تقولوا إن لكل فتاة بأبيها مغرمة! فأسترسل هنا حديث الإطراء عنه، ولن تجدوا في حديثي المغالاة؟ هنا لا أحشو السطور بالكلمات بل هي انصهارٌ وجدانيُّ صادقٌ لا أستطيع فَكَّ أشفر موجاته التأثيرية، هو حيث توجد الحياة؛ رحل فرحلت معه مشاهد كثيرة أصبحت رموزًا تتوهج بداخلي. تصدر من داخلي آهات، وأسمع أصواتًا كثيرة، وأشعر برعب داخلي؛ أن أصحى ولا أجد حولي أحد من لهم مكان عميق في نفسي.

روحي عطشى لوجوده. بالرغم من زحام الدنيا وضوضائها إلا أني أراها فارغة بعدمه، أناديه في كل وقت وأجد الموعد يرسل لي خطابات بغيابه. فيتمزق شيءٌ بداخلي.....

 

شاعرٌ جميلُ النفس كلماته تطرب وتأسر وتستميل، فقد كنت قلمه الذي يخط، وورقته التي يسطر فيها الأشعار، قد لا يكون مشهورًا بشاعرية كلماته، ولكنه معروفٌ بهيبته .

قلبك يا أبي كالجنة فعساك أن تدخلها برحمته...