الناس تنتظر "يوم الحب"

 

منى بنت حمد البلوشية

في الرابع عشر من فبراير يحتفل المحبون والعشاق بحبهم لبعض، وتعددت الروايات فيما يخص تاريخ يوم الحب أو ما يُعرف بـ"الفالنتين"، والذي انتهجه الكثيرون للاحتفال به.

هناك من تقلد وسام الحب واعتبره شيئا لا يُفرط به وكأنه سلسال يُربط في العنق، وإن لم يحتفل المحبون مع بعضهم كأنهم خذلوا أنفسهم وحبهم ولم يلتزموا بذلك. في هذا اليوم تمتلئ محال الورود والبوتيكات باللون الأحمر والزهور الحمراء وكذلك الكافيهات والمطاعم؛ فلو تمعنا بها النظر والمشاهدة فإنها تخصص ذلك اليوم للعشاق والمحبين للاحتفال به. ربما من يقرأ مقالتي يقرأها يظن بأنني سأتحدث عن قصة حب، أو حفلة تنكرية في ليلة هي ليست لنا أساسا؛ وإنما سأتحدث عن حب حي قائم في أرواحنا وجوارحنا فمهما أحصيناه لن نوفيه حقه.

الحب الذي أود التحدث عنه ليس حب العشاق بل حب الوالدين حب الأبناء والأسرة والعائلة ودفئها وضجيجها، وحب الآخرين وحب العطاء، والأعظم من ذلك هو حب الله عزوجل والبكاء خشية منه يوم لا ظل إلا ظله.

كم يتفاخر الكثيرون بالكلمات والعبارات التي يكتبونها من أجل أحبتهم وعشاقهم؛ فعبارة قرأتها لإحدى الكاتبات وهي التي ألهمتني لكتابة هذا المقال حيث كتبت قائلة: "الناس تنتظر الفالنتين، والفالنتين ساكن بيتنا وجالس عندنا".

نعم.. لنتمعن كثيرًا لا قليلا النعم التي تحيط بنا ومن عطايا الله لنا، يوم الحب الذي ينتظره الكثيرون ليحتفلوا به هو بين ثنايا بيوتهم وبيوتنا، بين الأم والأب والأبناء والإخوة والأخوات والأسرة هو الذي يستحق أن نحتفل به ونحيطه بأنواع الزهور وأريجها الفواح ليس ليوم وإنما الأيام كلها، الحب هو العطاء الذي لا ينضب.

فمثلاً لو تحدثتُ أمام أسرتي وبحضور والدتي وقلتُ غدا يوم الحب أو الفالنتين فإنها ستقول: "وأحنا ما نستاهل الحب" إنكِ الحب كله فأنتِ أساس الحب يا حبيبة القلب والروح وأعلم يقينا بأنَّ والدي سيرد أيضا قائلا: "وإيش هذا اللي تتكلمو عنه" إلا أنه ليس عيدا لنا ولا يحق لنا أن نحتفل به، ماذا لو علِم المحبون والعشاق بأن والديهم هم الأحق بهذا الحب والاحتفاء به ووجودهم معهم الذي لن يُعوض وهم يلتفون حولنا وحولهم، ومعهم الإخوة والأخوات والأبناء، ماذا لو غرسنا هذا الحب وعمقناه أكثر في بيوتنا. أنا هنا لست بصدد أن أكون ناصحة ولكنني موجهة لأمر ربما يغفل عنه البعض وخاصة في هذا الزمان، فالحب النابع من القلب الصادق هو الذي ذكرته سلفاً، الحب هو ألا أعلق قلبي إلا بالله تعالى الذي أبكي خشية منه، ومن خلاله تُفتح لنا أبواب الخير، الحب هو ذلك العطاء الذي لا أود أن أجني منه مالا ولا مدحا ولا شهرة.

إن الحب الحقيقي هو الذي يُبقي لي أثرًا فيما بعد، الحب هو أن أقف مع أخي وأختي في وقت الأزمات وفي الشدة والرخاء.

الحب نعم هو نعمة إذا أذِن الله له يكون قال له كن فيكون وأن يكون برضاه، الحب هو النعمة العظيمة التي يغرسها الله في قلوبنا عندما نستخدمها بالطريقة الصحيحة التي ترضي الله وتوصلنا لبر الأمان، الحب هو الدعاء الذي يبثه الوالدان وهو سر النجاح في كل خطوة نخطوها وأمانا لنا من كل نوائب الدنيا فهما وصيّة الله لنا ومن أعظم الوصايا.

الفالنتين الذي ننتظره وينتظره الكثيرون هو في بيوتنا ويعيش بينا وعلينا أن نبحث قبل أن نفتقده، الفالنتين هو وجود الوالدين والأبناء والإخوة والأخوات والأحبة بيننا الفالنتين هو ابتسامة على كل الوجوه التي نصادفها ونزرع فيها الأمل والتفاؤل وتقول في نفسها وبصوت خافت "الدنيا بعدها بخير".

الفالنتين هو زهرة حب وكلمة طيبة مُغلفة بابتسامة أقدمها مع باقة من الاهتمام لوالديّنا ولأبنائنا وللأسرة ولكل المحيطين بنا، لنبحث عن الفالنتين بيننا وفي بيوتنا ولا نغفل عنه ونحتفل به معهم ولنجعله عادة يومية ولنفخر بمن هم حولنا ولنعش الحب والاهتمام معهم.

تعليق عبر الفيس بوك