طالبوا بتقديم تسهيلات ائتمانية وخفض الرسوم على المواد الخام والتوسع في التأهيل

خبراء لـ"الرؤية": صعوبة التمويل وتعدد الجهات ومنافسة المنتج المستورد وقلة تدريب العاملين.. أبرز تحديات القطاع الصناعي

...
...
...
...
...
...

الرؤية- فيصل السعدي

أكد عدد من الصناعيين والخبراء الاقتصاديين أن القطاع الصناعي استطاع تحقيق العديد من المنجزات خلال العقود المنصرمة بفضل السياسات والتشريعات الداعمة، لكنهم أشاروا- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إلى جملة من التحديات التي ما زالت تعرقل مسيرة تقدم هذا القطاع نحو الآفاق المأمولة، خاصة فيما يتعلق بتعزيز تنافسية وجودة المنتج المحلي.

وأشاد المهندس سعيد بن ناصر الراشدي الرئيس التنفيذي لجمعية الصناعيين العمانية بدور الصناعة وأهميتها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، علاوة على ما توفره من فرص عمل وتدفق مالي يسهم في دعم التوازن المالي، ويعزز قوة الاقتصاد في مواجهة المتغيرات الطارئة. وأضاف الراشدي- في حديثه لـ"الرؤية"- أن قطاع الصناعة العماني مر بمرحلة تحفها التحديات خلال السنوات الماضية؛ من حيث انخفاض سعر النفط وتأثيره على الاقتصاد المحلي، وارتفاع سعر الشحن، والتعقيدات التي تسبب بها وباء كوفيد-19، مشيرا إلى أن كل هذه المؤثرات السلبية أضرت بالاقتصاد، لكنها في المقابل ساهمت في زيادة خبرة التاجر العماني في التعامل مع هذه الظروف. وأعرب الراشدي عن أمله لما ينتظر الصناعة العمانية من مستقبل أكثر إشراقًا، لافتا إلى أن معظم التحديات في طريقها للحل مع تواصل جهود التعافي الاقتصادي بفضل ارتفاع أسعار النفط وانحسار الجائحة. وحث الراشدي الصناعيين على مواصلة النمو بوتيرة مستقرة، والسعي للاستفادة من كل الحوافز والتسهيلات المقدمة من الجهات المعنية.

من جهته، قال رجل الأعمال حسين بن سلمان اللواتي ومؤسس شركة كابلات عمان، إن تحديات الصناعة العمانية زادت عما كانت عليه من قبل، لافتا في هذا السياق إلى ارتفاع الرسوم على القطاعات الاقتصادية بشكل عام، والتي تزيد من كُلفة الصناعة العمانية، مثل زيادة تكلفة الإيجار وتعرفة الكهرباء والمياه، فضلا عن الزيادة الكبيرة في تكلفة استقدام الأيدي العاملة من الخارج، معتبرا أن كل هذه التحديات، تحد من تنافسية الصناعة العمانية للمنتجات الأخرى. وطرح اللواتي مجموعة من الحلول من شأنها أن تساهم في تعزيز مكانة الصناعة العمانية على المستوى الاقليمي والعالمي، وذكر من بين هذه الحلول: إزالة العوائق من أمام المستثمر العماني وتخفيف الضمانات التي تفرضها البنوك ومؤسسات التمويل، وقيام الحكومة بدعم الشركات الناشئة والشركات التي تعرضت لمشاكل كبيرة خلال الفترة الماضية، من خلال تخفيف بعض الإجراءات وخفض تكلفة الرسوم على خدمات بعينها، ودعم جهود زيادة إنتاجية الشركات بما يعزز من حجم الإيرادات وتغطية الكلف التشغيلية.

من جانبه، قال ناجي بن جمعة البلوشي رائد الأعمال والكاتب المتخصص في الشأن الاقتصادي إن من بين التحديات التي تتعرض لها الصناعة العمانية التغيرالسريع في بعض القرارات من قبل جهات الاختصاص في معالجة التحديدات سواء كانت محلية أم اقليمية أم عالمية، دون دراسة ما هو موجود في السوق العماني ومساواته بباقي القطاعات في كثير من التشريعات والإجراءات الإدارية. وضرب البلوشي مثالًا على ذلك عندما فرضت الحكومة ضريبة القيمة المضافة على كل السلع والخدمات؛ حيث كان يستوجب إلغاء تلك الضريبة عن المنتجات المصنوعة محليًا تشجيعًا لها، وليتناسب ذلك مع نهوض صناعاتنا المحلية وتوسعها. وأضاف أن التسهيلات الائتمانية من البنوك المحلية تمثل تحديًا آخر؛ فهي لا تضمن بداية صناعة المنتجات العمانية المحلية كما هي مستعدة لضمان المنتجات ذات العلامة التجارية العالمية والمصنعة فقط في عمان. واقترح البلوشي بعض الحلول للتغلب على التحديات التي تواجه المنتج العماني، من خلال وضع هدف حقيقي لأحد أنواع الصناعة العمانية ثم ابتكار كل الحلول المناسبة بغض النظر عن ما يعيقها لفترة زمنية محددة، ثم يتم فرض التشريعات عليها بعد انتهاء المدة الزمنية. وضرب مثالا على ذلك بصناعة تعليب المواد الغذائية، مشيرا إلى أن الهدف والحلول المبتكرة تتمثل في دعم الكهرباء والمياه وتسهيل التراخيص وإيجار الارض وغيرها، مع الإعفاء من رسوم الجمارك للمواد الخام أو المكائن أو الضريبة المنتقاة، وغيرها فيما يخص قيام هذه الصناعة، مع حث البنوك التجارية أو بنك التنمية العماني لتقديم تسهيلات ائتمانية، ووضع 7 أعوام كفترة زمنية لبلوغ الهدف، وبعدها يمكن فرض كل التشريعات والقوانين.

وذكر البلوشي أن مستقبل الصناعة العمانية لا يختلف عن مستقبل أي قطاع اقتصادي آخر، فما يُزرع اليوم يُحصد غدًا، مؤكدًا أن الاقتصاد الوطني ليس بحاجة إلى أرقام نتفاخر بها، بقدر ما هو بحاجة إلى استدامة وجذب حقيقي للاستثمار الصناعي وتوفير فرص عمل حقيقية للعمانيين  بما يعود بالنفع في النهاية على كامل اقتصادنا الوطني. وقال إننا بحاجة إلى قرى صناعية حقيقية في الولايات تنتج كل أنواع الصناعات البسيطة؛ مثل المنتجات الخشبية ومنتجات الألمنيوم ومنتجات الحديد وغيرها، وأن تكون صالحة للتصدير. وأوضح أنه لتحقيق هذا الهدف ينبغي التوسع في افتتاح المعاهد التدريبية المتخصصة في هذه المجالات، بما يضمن رفد سوق العمل بكفاءات وطنية ماهرة في هذه التخصصات.

فيما رصد المهندس سالم العبدلي الكاتب والمحلل الاقتصادي تحديات عدة تواجه الصناعة العمانية؛ من أهمها منافسة المنتجات المستوردة للمنتجات الوطنية، خاصة وأن المنتج المستورد أقل تكلفة مقارنة بالمنتج المحلي، وهذا ما يؤثر على تنافسية المنتج الوطني. وأضاف العبدلي أن تكلفة المواد الخام العالية وكذلك تكلفة المعدات والأجهزة التي تدخل في صناعة المنتج، تؤثر على سعر السلعة المحلية، وهذا ما يتيح للمستهلك اختيار المنتج المستورد بدلًا من المنتج العماني. وأشار العبدلي إلى الاستثمار في الصناعات أو في إنشاء المصانع، حيث إن مشكلة قلة أعداد الخبرات الوطنية تؤثر بشدة على تقدم الصناعة في عمان، موضحًا أهمية صقل وتدريب وتأهيل المواهب العمانية في هذا المجال. وحث العبدلي على ضرورة تسريع وتيرة تخليص المعاملات، والقضاء على تعدد الجهات المسؤولة عن نشاط بعينه، والتوسع في فكرة "المحطة الواحدة".

وأعرب العبدلي عن تفاؤله بالمستقبل الواعد الذي ينتظر الصناعة العمانية، خاصة مع انتشار المناطق الصناعية في مختلف محافظات السلطنة، مثمنًا الدور الذي تقوم به المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" من جهود من أجل جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية والإسهام في جهود التنويع الاقتصادي.

تعليق عبر الفيس بوك