د. سليمان المحذوري
تحتفل سلطنة عُمان سنويًا بيوم الشباب في السادس والعشرين من أكتوبر؛ ولا شكّ أنَّ لهذا الأمر دلالة كبيرة في الاهتمام بالشباب؛ الطاقة المنتجة التي لا تنضب. ورغم كل الجهود المبذولة على مدار أكثر من خمسين عامًا من عمر النهضة العُمانية؛ إلا أن طموحات الشباب ما زالت عالية، وسقف التوقعات مرتفع جدًا.
ومن المعلوم أنّ السلطنة دخلت فعليًا حيز تنفيذ رؤية "عُمان 2040"، وبالتالي فإنّ الحاجة ملحّة لتمكين الشباب في مختلف القطاعات، ومنح الكفاءات منهم فرصًا عادلة في سلم الترقي الوظيفي سيما الوظائف القيادية. ومن جانب آخر فإنه من غير المقبول أن نحتفل بيوم الشباب ونسبة كبيرة منهم ما زالت ضمن فئة الباحثين عن عمل. وفي هذا الإطار لا ريب أننا نحتاج إلى جهود مكثفة، وتنسيق على أعلى مستوى لامتصاص هذه الطاقات، وتوجيهها بما يُسهم في تنمية عُمان حاضرًا ومستقبلًا.
لا يختلف اثنان على أنّ التعليم والتأهيل أحد الممكنات الرئيسة في إعداد الشباب. وبالنظر إلى عدد البعثات الخارجية الأخيرة ومقارنتها بالأعوام المنصرمة نجد أنها قلصت بشكل كبير بسبب الأوضاع الاقتصادية الراهنة. وفي هذا الصدد تشير بيانات مركز القبول الموحد إلى أنّ عدد البعثات والمنح الخارجية بلغت نحو 414 فرصة دراسية للعام الدراسي 2021/2022، وهي أرقام متواضعة لا تخدم مسيرة التنمية خلال المرحلة القادمة رغم التوسع في عدد المقبولين بمؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة داخل الدولة. ومن وجهة نظري فإنّ ملف التعليم ينبغي ألا يتأثر بأية مطبات اقتصادية مهما بلغت؛ لأنَّ التعليم استثمار رابح، وركيزة مهمة لبناء المستقبل.
من هنا.. فإنّه من الأهمية بمكان التوسع في إعداد المقبولين للمنح الخارجية في مرحلة البكالوريوس خلال هذا العام والأعوام القادمة مع التركيز على التخصصات النادرة التي لا تتوافر في مؤسسات التعليم العالي العُمانية، وفي ذات الوقت هي تخصصات تلبي متطلبات سوق العمل العُماني. ولا ننسى التنويه إلى ضرورة إعادة البرنامج الوطني للدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه مع التركيز كذلك على التخصصات النوعية، واختيارها بعناية فائقة وفقًا لاحتياجات السلطنة الحقيقية، ومن ثم الالتحاق بالجامعات العالمية المرموقة، والأهم من هذا وذاك وجود خارطة واضحة لتعظيم الاستفادة من مخرجات هذا البرنامج واستثمارها بما يتواءم مع تحقيق خطط عُمان الطموحة وتنفيذ رؤيتها المستقبلية.
كما إنّ الجلسات الحوارية المستمرة مع الشباب لها دور في معرفة احتياجاتهم وتوجهاتهم، ورصد التحديات التي تعترض طريقهم، وبالتالي إيجاد الحلول السريعة الناجعة للتعامل معها ضمانًا لتمهيد الطريق أمام الشباب للانطلاق بعُمان نحو المُستقبل المنشود.
وسعيًا من وزارة الرياضة والثقافة والشباب لدعم جهود الشباب العُماني تمنح بشكل سنوي جائزة الإجادة الشبابية لتكريم المجيدين منهم في مختلف مجالات الإبداع والابتكار؛ وهذا أمر محمود من أجل تشجيع المبادرات الشبابية الفردية والمؤسسية؛ ولكن من المهم جدًا احتضان هذه المبادرات الشبابية ومتابعتها عن كثب ومساندتها حتى يتمكن أصحاب هذه المبادرات من الوقوف على أرضية صلبة تضمن نجاح واستمرارية مشاريعهم. وإلى جانب ذلك ستكون لفتة مهمة من هذه الوزارة تبني فكرة تكريم الشباب العُماني المتميزين والحاصلين على جوائز عالمية في شتى صنوف العلم والمعرفة والفنون وغيرها من المجالات تحفيزًا لهم على مواصلة العطاء وتشريف عُمان في المحافل الدولية.