خليفة بن عبيد المشايخي
بادئ ذي بدء أحمدُ الله تعالى أن مدَّ في عمري حتى كتابة هذا المقال وهذه السطور التي تتابعها عزيزي القارئ وتشرفني بقراءتها، وهذا مما يجب أن أحمد الله وأشكره عليه جلَّ جلاله، فياربي ويا حبيبي يا الله جل جلالك، لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فلك الحمد ولك الشكر ملء السموات والأرض وما بينهما، على ما تفضلت به علينا من نعم كثيرة، قريبة كانت أو بعيدة، صغيرة أو كبيرة.
قارئي العزيز.. لقد تناولت في مقالاتي السابقة مواضيع عدة، وركزت على أشياء مهمة، وأدلفت صوب قضايا مجتمعية فطرحتها وكتبت عنها، رائدنا من ذلك أن نكون شركاء مع الحكومة، في إيصال رسائل النَّاس ومطالبهم ومعاناتهم، فإن وفقت في ذلك فمن الله تعالى، وإن كنت دون ذلك، فمن نفسي والشيطان الرجيم، والتمس لي العذر عزيزي القارئ.
إن من المواضيع التي كتبت عنها على سبيل المثال لا الحصر، طريق الباطنة القديم بداية من بعد دوار قصر البركة، إلى آخر ولاية في شمال الباطنة؛ حيث إن هذا الطريق يحتاج إلى صيانة وزيادة الإنارة به، فهذا الطريق مثلا به حفر كثيرة، والخطوط البيضاء والصفراء منعدمة، لدرجة أن السائق أحيانا، لا يعرف بأي حارة هو، والسبب مع انعدام الخطوط، الإنارة الضعيفة.
حقيقة أتساءل: لماذا لا يكون هذا الطريق بثلاث حارات مثل طرق مسقط الممتدة من دوار قصر البركة إلى مطرح وبالإنارة ذاتها، كذلك خط الباطنة السريع، لماذا تأخرت إنارته.
هناك قول شائع لدينا في عُمان يقول "اضرب واوجع أو اجلس واهجع" والمقصود به إما أن تضرب عدوك وخصمك ضربًا موجعًا تنال منه قبل أن ينال منك، أو اجلس مكانك، ولا تغامر بتعريض نفسك للهلاك إن كنت غير قادر على الدفاع عن نفسك أو تأديب عدوك وخصمك، وكذا الحال ينطبق على أي مشروع يُقام وينفذ، إما أن ينفذ بطريقة صحيحة، أي في الوقت المُحدد وبالمواصفات التي يجب أن تكون فيه ومصاحبة له، وإلا لا يقام حتى تكون الجاهزية له من كل شيء.
إذ لا يُعقل أن طريق الباطنة القديم يسلكه الداخلون إلى السلطنة من خارجها ويكون بتلك الحالة المزرية من خراب وتكسير وحفر وعدم وجود إنارة به، حاله حال شوارع مسقط. في هذا الطريق تجد المسافة بين عمود وعمود تقريبا 100 متر، وبينهما منطقة مظلمة، وهذا أمر مزعج لنا نحن أهل البلد، فكيف بضيوفها؟!
كذلك من الأشياء التي كتبت عنها في المقالات السابقة، الأربعين ريالاً التي تأخذها وزارة الصحة عند استخراج البطاقات الصحية، من غير المبلغ الذي يدفع للمستشفى الخاص من أجل الأشعة.
كذلك مما كتبته سابقًا هو ضرورة توجيه العباد لرب العباد حتى ترتفع الأحوال عنَّا، فهذه المسألة لا بُد أن يقوم بها أؤلئك الذين على رأس الهرم في السلطة، وقبلا يكونون هم قدوة حسنة.
فكل يوم يأتي ويمضي الأحوال تتزايد، والمشاكل تكثر، وكنت في يوم ما أراد الله تعالى، أن أذهب لإحدى المحاكم في مسقط لاستخراج بعض الأوراق، فعجبت مما رأيته من كثرة الناس، وحقيقة ساءني ما رأيته، وقلت في نفسي هذه المحاكم المنتشرة في طول البلاد وعرضها، وهي كل يوم على هذه الحالة مليئة بالمتشاكين والمتخاصمين، وهناك مدعٍ ومدعى عليه، ومتهم وغير ذلك من الأسماء.
حقيقة أتساءل معكم، ألن يأتي يوم ونرى المحاكم لدينا في عمان خالية من الناس المتشاكين، لماذا لا يفكر المسؤولون في هذه المواضيع والبحث عن حلول لها ومعالجتها من خلال توعية مستمرة للمجتمع، وتقديم خطابات مستمرة من الكبار أنفسهم، وأن لا يكون ذلك مقتصرا على رجال الدين وخطباء المنابر فقط.
والله الأمر محزن جدًا، قضايا يومية وشرطة وسجون وأحكام و... و...، وهذا عدو لذاك وهذا يكره ذاك، والسجون مملوءة، كأن البلد ما فيها إلا هذه المشاكل فقط، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبي الله ونعم الوكيل.
حقيقة نود أن نرى توجهاً يعالج الشأن الداخلي، كفانا زجاً بالناس في السجون بسبب مطالبات مالية، لماذا لا يكونون مصلحين أكثر مما يتلون أوراقًا ومواد. فمما يعجب له إذا أتت تلك وقالت إن فلاناً قال لي ذاك، أو فعل بي ولي ذاك وطبعًا هي كاذبة، فمباشرة يصنف ذاك الإنسان متهمًا، ويزج به في السجن، أيُعقل بمجرد أن تأتي إحداهن وتقول فلاناً فعل بي كذا، أو ترك أو أو أو، مباشرة تصدق ويقال لذلك الإنسان ادخل السجن لأنك فعلت. طيب هذه كاذبة وأنت يا هذا أيًا كنت، ما هو دليلك أنني فعلت، هل كنت معها مثلا، هل رأيتني أفعل أو أترك أو هل لديها شهود؟ وهل وألف هل؟ إذن لماذا تقف في صفها وتصدقها، أو لماذا هي تصدق، وهي أضعف خلق الله إيمانا، ومن الممكن أن تكذب وتطلق الأكاذيب. وفي حالات كثيرة يقال ادفع لها أموالا باهظة كي تتنازل، أو ستشكل لك قضية، وبعدها ستحول إلى ومن ثم إلى... طيب وإذا ذاك الشخص خرج براءة، فمن يرد له اعتباره أو قدره بين الناس؟ أقولها صراحة، لقد سمعنا قضايا من هذا النوع كثيرة، ولا ينبغي أن تكون الأمور بهذه الطريقة وبهذا التعامل.
أيها الأحبة أيها الوطن بمؤسساته ورجاله ومن فيه.. إننا مقبلون على عام جديد، فالظلم ظلمات، وتغيير بعض القوانين التي تحفظ ماء الوجوه وتصون كرامة الناس بات مطلبًا مُلحًا، فأن نكون سيوفا مسلطة على رقاب العباد، فهذا أمر لا يرضاه الله ورسوله.
ولهذا أيها الأحبة الهمة الهمة في أن نغير أنفسنا إلى ما يريده منِّا جلَّ جلاله، فإنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ. هذا وإلى أن ألقاكم في مقال قادم استودعكم الله جلَّ جلاله وأحسنتم.