البيت الحرفي العماني.. التحديات والمستقبل

 

محمد بن عيسى البلوشي

يمثل البيت الحرفي العماني إضافة سياحية واجتماعية وتجارية مهمة إلى اقتصاد سلطنة عُمان، كونه أول سوق تجاري حديث يظهر بهذه الصورة الحضارية التي تعكس هوية بلادنا الأصيلة وحاضرها المتجدد ومستقبلها النامي، وذلك لكون أن سلطنة عمان واحدة من أهم البوابات السياحية في الشرق الأوسط لما تتمتع به من مخزون سياحي كبير سواء على مستوى البيئة ذات الثراء الكبير أو الشواهد المادية العريقة المنتشرة في ربوعها وأيضاً أجوائها المتنوعة ما بين الشمال والجنوب والشرق والغرب وما بين البحر والجبل والسهل والصحراء، فالزائر إلى بلادي يجد ضالته السياحية.

نعود إلى البيت الحرفي العماني الذي كان الصديق جاسم العجمي وبقية الزملاء الذين عملوا على تأسيسه في دائرة التسويق والمعارض بالهيئة العامة للصناعات الحرفية (سابقًا)، فقد افتتح أول فرع له في الصاروج حينها، وبعدها انتقل إلى الحي التجاري بالقرم؛ ليستقر به المقام الرفيع في دار الأوبرا السلطانية- مسقط؛ حيث يعمل هذا النشاط الاقتصادي على تسويق المنتجات العمانية من جانب، وأيضًا يشكل منفذًا مهما للحرفيين وأصحاب المهن من رواد الأعمال لتسويق منتجاتهم وأفكارهم بشكل تجاري لزوار سلطنة عُمان عامة ودار الأوبرا السلطانية- مسقط خاصة بالإضافة إلى الجمهور العام من المواطنين والمقيمين.. فما هو البيت الحرفي العماني؟

كتبت الإعلامية عهود الجيلانية تقريرًا صحفيًا نشرته عبر صحيفة عُمان تؤكد فيه أنَّ "البيوت الحرفية العمانية هي مظلة متكاملة لرعاية الحرفيين وفرصة لاكتشاف ابتكاراتهم في المقتنيات والمنتجات وتسويقها"، في إشارة واضحة إلى أنَّ الصناع والحرفيين والمبدعين يرون في مشروع البيت الحرفي العماني فرصة لتسويق منتجاتهم وأفكارهم كأحد أبرز المنافذ التسويقية، وهذا ما يجعلنا نؤكد على أهمية استمرار هذا المنفذ التسويقي ودعمه وتمكينه خلال المرحلة المُقبلة التي تسعى فيها بلادنا الغالية إلى تعزيز الجوانب السياحية وفق رؤية "عمان 2040"، ولكن السؤال: كيف يمكن أن نستمر بشكل متجدد؟

لا شك أن الفكرة التي قام عليها مشروع البيت الحرفي العماني هو أن يتم تسويق جميع المنتجات التي يصنعها الحرفيون العمانيون وخصوصا تلك المنتجات المطورة والحديثة عبر بوابة البيت الحرفي العماني الذي كان وحيدا حينها في مسقط وانتشرت بعد ذلك في ربوع سلطنة عمان عبر الولايات الرئيسية في بقية المحافظات، وهنا يمكن لهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تُعيد رعاية هذا المشروع، من خلال توسعة دائرة المنتجات المعروضة؛ لتشمل تلك المنتجات الأبرز والأفضل والأجود والأثمن التي ينتجها أو يصنعها رواد الأعمال من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي يرتقي عرضها في حرم دار الأوبرا السلطانية- مسقط؛ كونه يستقطب جمهورًا نوعيًا من داخل وخارج البلاد، لتتجاوز المنتجات المقدمة دائرة الصناعات المطورة إلى المنتجات التي لا يمكن أن نراها إلا في بلادي العزيزة ومنها مُنتجات العطور والفضيات والملابس والأقمشة والسجاد وأدوات الزينة الطبيعية وغيرها من المنتجات التي يحرص العمانيون على تصنيعها وإنتاجها بشكل مميز، وبهكذا يكون البيت الحرفي بوابة اقتصادية وسياحية متجددة. التحديات التي قد تواجهها المؤسسة المنظمة لعمل مثل هذا النوع من المشاريع عديدة ومتنوعة، وهذا ما يجعلنا نؤكد أن فرص نهضة المشروع بشكل حديث أكبر وأفضل، ولكن نحتاج إلى إعادة النظر في تركيبته، وإدارته بصورة ذكية وتقديمه بشكل يتناسب مع الاقتصاد المتطور الذي تمضي إليه بلادنا العزيزة وفق رؤيتها لعُمان الغد، وهنا أشير إلى ضرورة أن تحتفظ هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهذا الأثر الاقتصادي البارز وتوفر له الرعاية والدعم الكاملين، وأن تعيد النظر إليه بطريقة مبتكرة وعصرية تتناسب مع النهضة الاقتصادية التي تمضي إليها سلطنة عُمان من خلال تنويع مصادر الدخل والتكامل بين القطاعات المتنوعة لتحقيق الأهداف العليا التي رسمها لنا في شراكة مجتمعية واسعة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وخطها لنا جلالته-أعزه الله- في رؤية شاملة لعمان الغد التي نريد.

إن التفكير في استمرار البيت الحرفي العماني في دار الأوبرا السلطانية- مسقط تحت رعاية وعناية واهتمام وإدارة وكنف هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو أمر في غاية الأهمية بل سيسهم في تطويره، وهنا أجد أن ترفع درجة هذا الاهتمام بشكل إداري وصلاحيات مستقلة ومباشرة إلى رئيسة الوحدة تمهيدا لتمكينها بشكلها الجديد ككيان ووحدة اقتصادية وتجارية وتسويقية مستقلة تستطيع أن تعمل مستقبلاً بفكرة وروح القطاع الخاص وأن تسهم في القريب العاجل في الاقتصاد الوطني، وهذا ما أثق به في الإدارة الشابة والفكر المتقد الذي يقود هذه المؤسسة الاقتصادية.

خبير إعلامي ومحلل اقتصادي