خليفة بن عبيد المشايخي
تتعاقب الأيام على بني الإنسان بحالات وأحوال مختلفة، فيوم ما هو في حزن، وآخر في سعادة، وتاليها في ضيق وكدر، وما بعدها لربما في مسرة وحذر.
ولما كان الأمر كذلك، فإنه مع ذاك قليل منِّا الشكور، وقليلٌ مِنّا من وفقه الله تعالى إلى استثمار أوقاته وتلك الأيام في طاعته والثبات والدوام على أن تكون جل حياته تنشد رضاءه، والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل. فهنيئًا لمن أسعفه الحال ليصبر على تنفيذ أمر الله تعالى جلَّ جلاله بحذافيره، وساق نفسه إلى ذلك سوقا، حتى غدت بعد ذلك مطواعة ولوامة، ولربما مُطمئنة وقوامة وصوامة.
لقد مضت علينا أوقات كثيرة بلياليها متنقلين بين نعم الله جل جلاله، فودعنا كثيرين، واستقبلت هذه الحياة الدنيا مثلهم كثيرين، فالذي توفاه الله من بيننا، ندعوه- جل جلاله- أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، والذي ما زال حيًا باقيًا يتقلب في نعم الله عز وجل، فما زال أمامه متسع ليُصحح المسار، وليعدل عن المضار، فالله نرجو أن يجعلنا من الذين أحبهم وأحبوه.
أيها القارئ العزيز.. أيًّا ما كنت، لم يتبقَ من العام الجاري إلا أيام قليلة، وعقب ذلك سيأتي علينا عام ميلادي جديد لا نعلم خفاياه، ولا ندري بمزاياه، نحمل فيه طموحات عدة، ونرجو أن تتحقق لنا فيه تطلعات جمَّة، وتنزاح عنَّا فيه الكثير من المنغصات وكل غمة، فالله جلاله قادر، وعلينا أن نعزم على أن نكون مثلما يريدنا، فقط نعزم ونتوكل ونُبادر.
إن الإنسان في هذه الحياة ينشد الراحة، ويتمنى كل حياته بها تكون مزيجاً من السعادة، وقد يجد ذلك لكنه يسير، وقد لا يجد ولكن لا بقاء للعسير، فكل مصيره للانتهاء، وكل مآله إلى فناء، إلا أن العاقل من لا يتبع نفسه هواها، ولا يتمنى على الله الأماني.
العام الجاري الذي مرَّ علينا بحلوه ومره، رأينا فيه العديد من الأمور التي كانت حسنة، وأخرى سيئة، ومما لا تنساه الذاكرة إعصار شاهين الذي أتى على بلادنا فدمَّر فيها الكثير، وأحدث بها الخطير، إلا أنه بفضل الله تجاوزناه بعزيمة الرجال، واتحاد الجماعة والأهالي والأصحاب، وكان ذلك بيننا سجالاً، فعادت الحياة مرة أخرى لطبيعتها والحمدلله على النضال.
إن الآدمي وإن طال وقته في الأرض حيًا، لا بُد أن يفارقها ميتًا، وإن زاد عمره عليها منعما، فسيأتي عليه وقت يغادرها مرغمًا، والفطن منِّا من فكر لما بعد هذا الارتحال، وما يعقبه من حال، فهل فهمنا ذلك، وعملنا لأنفسنا دون عمك وخالك، فكل منا آتيه يوم القيامة فردًا، ويحصونا ويعدونا عدًا.
إنَّ عُمان وأهلها وهي على مشارف توديع عامٍ ميلاديٍ تحقق لنا فيه الكثير، فإننا نرجو من الله العلي القدير أن يحفظنا وبلادنا وبلاد المسلمين عامة، من كل سوء وشر ومكروه، وأن يتحقق لنا ما لم نجده في 2021، ولم ننله في الأشهر الاثني عشر التي مرت.
وعُمان بقيادتها الحكيمة وفي عهدها المتجدد، تمضي نحو مستقبل واعد بالخير، وتسير بفضل الله ثم النهج الذي يختطه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه لله ورعاه- في مسير مبشر بالخير، وتمضي في طريق آمن لا يؤثر فيه الغير، فلله الحمد والمنة من قبل ومن بعد.
إن الطموحات في العام الجديد كثيرة، وإن التطلعات نرجو أن تكون يسيرة، فالتخفيف عنّا مطلب، والتفكر فينا نريده غاية، والاهتمام بنا نرجوه راية، فهل في العام الجديد سيكون لنا ذلك؟ وهل سنسعد بما ستحمله لنا أيامه؟ أم ستزداد المصاعب والمحن في حياتنا ومعيشتنا؟
حقيقة لا ندري إن كان سيكون ذلك أم لا، فالله جل جلاله وحده يدري ويعلم، ونسأله رب العرش العظيم، أن يوفقنا فيما تبقى من هذا العام والعام المقبل، إلى ما يحبه ويرضاه لنا ويرضاه منِّا، آمين يا رب العالمين.. وكل عام وعمان وأهلها في نعيم وسعادة وراحة واطمئنان.