وكانوا عطاءً وجزءًا من البناء

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

حينما ينحت في الصخر آخرون ليهنأ الوطن بالأمن وليسعد ساكنوه بالأمان، فإنه حري بنا أن نكبر ذلك، وحينما يتشرب جبين الأرض وأديمها عرق الرجال وجهدهم وتضحياتهم ليكبر الوطن وأجياله تباعا الذين يربت على أكتافهم أملا في أن تقوى على حمل الأمانة وهم لها، وتصمد عند صروف الدهر وزمانه، فإنه لا محالة من أن لا نعظم ذلك، ونشد على الأيدي عرفانا وامتنانا على ما قدموا.

وفي وقت كان يتطلب الواجب تضحيات جسيمة، وجهودا مضنية، وخدمات جليلة، فإنهم كانوا عند حسن الظن في مختلف الميادين ومواقع العمل، وعطاءاتهم لم تكن قليلة، وأدوارهم لم تكن عليلة، فسطروا بدمائهم الزكية ملاحم البطولة، وأعظم صور الإيثار والشجاعة والدفاع عن الأرض والإنسان، ومقدرات الوطن، فضربوا أروع الأمثلة في الصبر والتحمل والبراعة، وترسموا خطى المجد والعزة والسؤدد والطاعة، وكانوا أسودا في الوغى، ورجالا في الوفاء، والحصن الحصين، والدرع المكين لعمان، فذادوا عن ترابها الطاهر، وحموا مقدساتها وعرينها الباهر.

فكانوا لها الحامي العتيد، والجندي الشديد، كيف لا وهم حماة عُمان الأشاوس، ورجالها البواسل، الذين احتفلت قوات السلطان المسلحة موخرًا بهم في السابع من ديسمبر الذي خصص يوماً للمتقاعدين من وزارة الدفاع وأسلحة قوات السلطان المسلحة، الذين قدموا وبذلوا الكثير والغالي والنفيس من أجل عمان، من أجل أن تبقى عزيزة وحرة وكريمة وطاهرة، وفخورة بأبنائها، ومبتهجة برجالها.

لقد رأينا منذ أيام مظاهر الاحتفالات بالمتقاعدين العسكريين والمدنيين من الأسلحة والجهات التي تم ذكرها، فقد اشتملت الاحتفالات على فقرات مختلفة أبهجتهم، عبروا من خلالها عن سعادتهم الكبيرة بيومهم السنوي الذي خصص للاحتفاء بهم، إلا أنه مع تخصيص هذا اليوم للعسكريين لم نسمع عن تخصيص يوم للمتقاعدين من القطاعات والوحدات والجهات الخاصة والحكومية المدنية، فيا ترى لماذا لم يخصص يومًا لهم كأقرانهم في المؤسسات العسكرية، يتذكرون فيه بكل فخر واعتزاز ما قدموه وأنجزوه طوال فترة عملهم.

إننا لنأمل تخصيص مكافأة مادية سنوية للمتقاعد سواء كان عسكريا أو مدنيا، أو أن يزاد راتبه التقاعدي سنويًا، أو يعفى من بعض رسوم الخدمات الضرورية، أو أن يقدم له ما يخفف عنه تعب السنين من مؤن غذائية أو تعليم أبنائه في الجامعات والكليات بالمجان.

نعلم تماما أن هناك متقاعدين منذ سنوات طويلة رواتبهم ضعيفة، وأوضاعهم صعبة، وبالتالي لا ينبغي إهمالهم أو تهميشهم، أو أن يقتصر الاحتفال بهم بدعوتهم على وجبة غداء، تسبقها برامج ترفيهية معينة.

لماذا لا تخصص للمتقاعدين أندية أو جمعيات خدمية تكون في مختلف محافظات السلطنة، يستفيدون فيها ومنها بخدمات مساندة لمعيشتهم، وتقدم فيها مجالات ترفيهية عديدة؟

إن الاهتمام بالمتقاعدين، يشعرهم باهتمام الحكومة بهم، ويدفعهم إلى فهم ذلك على أنه تقديرا لهم من قبل المجتمع، ممثلا في مؤسساته الرسمية. ونود التأكيد أن أي بلد لا يقوم إلا بجهد الجميع كلٌ في مجاله وتخصصه، ونعتقد بل متأكدين أن إخواننا وزملاءنا وأهلنا الذين عملوا في القطاعات المدنية، يستحقون أن يكرموا وأن يخصص لهم يوم يتم فيه الاحتفاء بهم تقديرًا لما قدموه.

ختامًا.. إن مسيرة التنمية مستمرة وإن الاستفادة من قدرات وأفكار المتقاعدين وإشراكهم فيها، جانب مهم وأمر تمليه الحاجة ومتطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية، فهل سنرى اهتماما بالمتقاعدين سواء كانوا عسكريين أو مدنيين غير الذي نراه ونعرفه.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة