أنيسة الهوتية
إنهُ عِنوانٌ لفيديو قصير مِن برنامج (تَفَكَر) لِلإعلامي المُفَكِر أحمد الشقيري، وَلَم يَكُن الفيديو جَديداً لَرُبما مَضى عليهِ أعوامٌ كثيرة ولكِنَ مَضمونهُ لا يَزالُ مُنتعِشاً وسيبقى كَذلك. وَالمضمونُ عن عمليات التجميل والترميم والتصحيح في الوجه خاصةً دُونَ الجِسم، حيث يظهر الإعلامي مع مجموعة من أطباء التجميل ويُشخصونَ وَجههُ ويُخبرونهُ أن هُناك عُيوبٌ في وجهه عليهِ تصحيحها مِثل رفع أرنبة الأنف، وتقديم الذقن إلى مُقدمة الوجه كي يتناسب مع رفعة أرنبة الأنف وبأنَ ذقنهُ قَصيرٌ وَمُتراجِع! وَرغمَ أَني بَعيدةٌ كُل البُعد عَن وسائل التواصل الاجتماعي حَتى وإن كانَ لِي حِساب خاص عَلى كُلِ مِنصة إلا أنني لستُ نَشيطة في تِلك المِنصات إلا بِمُعَدلِ 38 إلى 42 دقيقة في اليوم وذَلِكَ بِسببِ انشغالي المُستمر وأيضاً لأَنني لا أجِد ما يجذبني للمتابعة إلا نادراً وهذا الفيديو كانَ مِن تِلك النوادِر.. وَجَعلني أُفَكِر، إن كانت وسامة أحمد الشقيري في نظر هؤلاء الأطباء بِحاجةٍ إلى تَرميم فإنَّ المَوضوع فيهِ (إنَّ)!! نَعَمَ، "إنَّ" وَ"لَكِنَّ" وَ"كَيفَ" و"ماذا" و"لِماذا"!! وبأنَّ أطِباءَ التَجميل يُروجونَ لِمُنتجاتِ التَجميل التي يسترزقونَ مِنها وَالتي تَكونُ كَفيلةً بِتصحيح أو تجميل شيء مُعَين بِتقنية مُعينة ومُوحدة فبالتالي مَع التِقنية الموحدة تبقى الوجوهُ مُوحدة ومُتشابهة وكأنها فِلترٌ واحد مُثبَت على كُل الوجوه كالوجه ذي المُثلث المقلوب والأنف المُدبب كأنف الراحِل مايكل جاكسون! ولَرُبما للرِجال ذَقنٌ عريض ذي غمازةٍ غائرة كذَقنِ الدُمية "كَين" رَفيق أو زوج الدُمية "باربي".
ولَكِن الجمال ليسَ لَوناَ ونوعاَ واحداً حتى يتم الترويج لوجهٍ واحدٍ بتقاسيم ومقاييس مُعينة! فَلو كانَ كذلك لما كان هناك وَجهٌ دائري، ومُستطيل، وَمُربَع، وبَيضاوي، ومُثلثٌ طَبيعي مُتناغِم مع ملامح الوجه! ولولا التزاوج بين الثقافات مُنذ القِدم والأجيال المختلطة الجميلة التي ظهرت بملامح فاتنة، وإلا لكانَ الإنسانُ يُعرف بملامح وجهه من أين هو؟؟ فالفُرسُ معروفون بالأنوف المرتفعة والمعقوفة كالخناجر بحيث الأرنبة تكون نازلة، وكذا أنواعُ الأنوف والعيون والشِفاه التي تعارفت في الزَمنِ القديم مِن أي الحضارات أو الثقافات أو الدول! كلون الشعر والعيون والذي أتوقع أن تكون هناك تقنيات في المستقبل غير البعيد تُغيرها مِن الأسودِ إلى الأزرق والأخضر والشعر إلى الأشقر والأحمر! كما تقنيات تبييض لون البشرة التي أصبحت بمتناول اليد يشتريها من يُريد كما يشتري البندول من الصيدليات!
والتجميل في وجهة نظري لا بأس بهِ إذا كانَ عِلاجياً، ولَكِن أن يغير الإنسان شكلهُ من شيءٍ إلى شيءٍ آخر حتى يكون نُسخة من شخصٍ آخر فهذا هو اللامعقول في العقول التي تقبل بذلك وهذا دليل بأن تِلك العقول لا تُفكِر بل تُقلِد وبأنها خاوية على عروشها التي لا يتواجدُ فيها سوى الفراغ! أو لربما المُتعاطي لتلك التغييرات يكون شخصاً مُتزعزع الصحة النفسية وبالتالي فهُو زَبونٌ أسهل مِن السهل لِتُجار الجَمال!
وأقولُ لِلنساء اللاتي يفعلن المستحيل ويُغيرنَ وجوههن وأجسامهُن لنيل قلبِ رجلٍ مُعين، أَن رَكزي على شخصية ذلك الرَجُل ومشَاعرهِ وفكره ورُوحه، فإن كانَ يُحبكِ فعلاً فَهوَ يُحبكِ كَما أنتِ، يُحبكِ لروحكِ، لقلبكِ، لصوتكِ، لنظرتكِ، لإحساسكِ، لحديثكِ، لِكلامكِ، لحنانكِ وحبكِ وعاطفتكِ وليس لشكلكِ، أما مَن أحبكِ لشكلكِ فإنَّ مُحبي الأشكال لا يقتنعون أبداً حتى وإن أوقعتهِ بشباككِ وتزوجتهِ ستبقى نفسهُ باحثةً عَن الجَديد المستجد!
وإِن خُيرتي بينَ مَن تُحبيهِ ومَن يُحبكِ، اختاري الثَاني لأنهُ بِحبهِ سيجعلكِ سعيدةً آمنةً. وتأكدي بأنَّ المرأة العفوية، الطبيعية، البسيطة، اللامتصنعة لطالما كانت أجمل الجميلات على مر العصور والدهور، فقط تغذي صحياً وعقلياً حتى لا تذبلي.