دلالات الزيارة واللقاء

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

استقبل مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- ضيف عُمان الكبير صاحب السُّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، في زيارة لا تخفى على أحد دلالاتها ورسائلها.

فبالأمس القريب وفي أوَّل زيارة خارجية منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، يمّم مولانا السلطان المُعظم وجهه صوب المملكة في زيارة لأخيه خادم الحرمين الشريفين أظهرت للعالم كله عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وما تكنّه سلطنة عُمان من تقدير للمملكة ملكاً وشعباً. وأبرزت تلك الزيارة الميمونة توجه البلدين ورغبتهما الشديدة في توحيد الجهود تجاه العديد من الملفات في الشأن الإقليمي والدولي، والقيام بدورهما في حلحلة الكثير من القضايا العالقة، كما أظهرت البعدين الاقتصادي والاجتماعي وآليات التعاون بين عمان والسعودية بما يحقق طموحات الشعبين الشقيقين، ويعود بالنفع عليهما وتحقيق رؤى التعاون بينهما.

واليوم وفي زيارة كريمة لولي العهد السعودي لسلطنة عُمان، يبرز عددٌ من الدلالات والمعاني؛ نسردها فيما يلي:

1) عندما يبدأ سُّمو الأمير جولته الخليجية بزيارة كريمة للسلطنة؛ فهذا يُبرز مكانة السلطنة، ودورها الاستراتيجي، وأهميتها كلاعب أساسي في مختلف قضايا المنطقة، وملفاتها الشائكة، وكشريك يحظى بالتقدير والاحترام من مختلف الأطراف، كما أنها تؤكد أن مسقط منطلق لكل خير، وغاية لكل سلام، ووسيلة لكل نجاحات ممكنة في صعيد العلاقات المختلفة.

2) أن يكون مولانا السلطان المعظم على رأس مستقبلي سُّموه، في تقليد بروتوكولي غير مُعتاد، يُوضح مكانة سُّموه وتقديره عند مولانا السلطان المعظم، ومن ثم مكانة المملكة ومنزلتها العظيمة عند أهل عُمان قاطبة، ويظهر هذا الاستقبال السلطاني مدى سعادتنا سلطاناً وشعباً بضيف كريم نسعد بوجوده وزيارته، ونكن له كل التقدير والمحبة.

3) رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لمولانا جلالة السلطان المُعظم- حفظهما الله ورعاهما- والتي سبقت الزيارة بيوم واحد، تُبيّن مكانة السلطنة لدى المملكة، وتظهر التشاور الدائم بينهما، وتنسيق المواقف في شتى المجالات، ولا يخفى على المتابعين تعدد هذه الرسائل في الآونة الأخيرة واستمرارها، وهو ما تأتي ثماره إيجابية على كل الأصعدة.

4) الوفد الاقتصادي الكبير ورفيع المستوى المرافق لسُّموه، يبرز المكانة الاقتصادية للسلطنة، ورغبة المملكة الجادة والأكيدة في أن تكون عُمان وجهة اقتصادية وشريكا تجاريا حقيقيا للسعودية، مما يبشر باستثمارات مليارية يأتي أكلها طيباً مباركاً للبلدين والشعبين، ويعزز التوجه نحو تنوع اقتصادي واستدامة استثمارية، ويمضي بثبات نحو رؤية المملكة 2030 ورؤية عمان 2040، ومتفائلون جميعًا ولأبعد الحدود بهذه الشراكة.

5) المتابع لنوعية الاتفاقات والتفاهمات الاقتصادية الموقعة، يُدرك أن المجالات التي ركزت عليها تتفق مع الاقتصاد المستقبلي القائم على الثبات، بعيدًا عن الأزمات الاقتصادية، وتقلبات أسعار النفط، الأمر الذي سيدفع بالبلدين نحو رفاه اقتصادي، يؤدي إلى رفاه مجتمعي، يسهم في تحقيق آمال الشعبين الشقيقين ويدفع نحو حياة اجتماعية رغدة.

6) تؤكد هذه الزيارة الكريمة أهمية الموقع الجغرافي للسلطنة، وموانئها التي تمثل ركيزة أساسية للتبادل التجاري، وتساعد على انسياب التجارة العالمية، بين دول الخليج خاصة السعودية عبر السلطنة بما يُحقق طفرة اقتصادية كبيرة، بعيداً عن التوترات التي تصاحب بعض المسارات البحرية الأخرى.

من هنا.. فإنِّه على الجهات ذات العلاقة في السلطنة، خاصة تلك المعنية بالاستثمار، تسهيل إجراءات الاستثمار وتبسيطها أمام رجال الأعمال من المملكة، وتوفير كل متطلبات نجاحها، وسرعة الاستجابة لها، والتعاون الصادق معها؛ لأنَّ التعامل بهذه الطريقة هو السبيل نحو جلب الاستثمارات، وتحقيق شراكات واضحة وذات مردود إيجابي تعزز من تنوع الاقتصاد العماني، وتدفع بالشركات نحو الاستثمار في العديد من القطاعات المختلفة.

وأنتهز الفرصة لأسجل سعادتي وافتخاري بالجهود المبذولة من لدن مولانا السلطان المعظم، وسعيه الحثيث لفتح آفاق مستقبل مشرق لبني وطني، وأن ما ذكره جلالته في خطاباته السامية الكريمة، هو حقائق ماثلة تظهر للعيان يومًا بعد يوم، وتبيّن أن هناك خططًا مدروسة، ومسارات وطنية واضحة تسير بنا نحو مستقبل عماني مأمول، ومنظور في القريب العاجل، وأن أجهزة الدولة المختلفة تعمل على ذلك كل في مجال اختصاصه وحسب دوره وواجبه.

وقريبًا بإذن الله تعالى سنتجاوز كل الأزمات، ماضون بثبات وعزيمة نحو عُمان المستقبل.. حفظ الله تعالى عُمان وطنًا مضيافًا فاتحًا أبوابه لكل الأشقاء والأصدقاء، وستبقى عُمان دوماً وأبدًا وطن الجميع ترتقي هام السماء وتملأ الكون الضياء، وحفظ الله تعالى مولانا السلطان المعظم رائدًا ومجددًا وسائرًا بنا نحو العُلا والسؤدد، ودمتم يا أبناء عُمان الكرام أوفياء من عهد النبي، تنعمون بالخير والرخاء.