معتقدات الجودة

 

فهد بن سعيد الحارثي **

fahad18@hotmail.com

 

في حياة الإنسان هناك الكثير من المبادئ والمعتقدات المُؤثرة في قرارته واتجاهاته وتفرض نفسها في عملية صنع القرار خاصة في العقل الباطن، وقد تكون تلك الخيارات هي ما يقودك للنجاح أو يدفعك إلى المزيد من التعثر، فالإنسان يعيش في مرحلة سجال فكري بين معتقدات نشأت منذ الطفولة يتم تغذيتها من خلال الممارسات والخبرات والتجارب على مدى أعوام وصولاً إلى بناء قناعات مُحددة واتخاذ القرارات استنادًا لتلك التجارب.

وإذا ما أسقطنا ما سبق على علم الجودة نجد أن للجودة معتقدات وقيم تتشكل من خلال مبادئها السبعة وهي مجموعة من المعتقدات والمعايير والقواعد والقيم الأساسية المقبولة على أنها صحيحة ويمكن استخدامها كأساس لإدارة الجودة وبالتالي فإنَّ الإلمام بها وتغذيتها سيؤدي إلى رسوخ الجودة كمفهوم وثقافة في سلوك المؤسسة والموظفين ويؤدي القفز على هذه المبادئ والانطلاق مباشرة لعملية التطبيق إلى العشوائية في بناء نظام إدارة الجودة وضعف البنية التحتية والتي تشكل قيم ومبادئ الجودة أساسها وكما قال بيتر دراكر "الثقافة تأكل الاستراتيجية على الإفطار"، فلا جدوى من الاستراتيجيات والتطبيقات إن لم تكن الثقافة حاضرة في عقلية وقيم الموظف.

وإذا ما أبحرنا قليلاً في هذه المبادئ السبعة نجد أن أولها "التركيز على العميل"، فاستدامة النجاح لا تتحقق إلا باستمرار تجاوز توقعات العملاء والمُحافظة على ثقتهم والتواصل المستمر معهم لذلك يجب التركيز على أن العميل هو محور الاهتمام وأساس وجود المؤسسة وبدونه فلا داعي لها وعلينا إدارك الفرق بين الاحتياجات والتوقعات للعميل.

أما المعتقد الثاني فهو "القيادة"؛ وهي الأساس في توحيد الهدف والرؤية وقائد التغيير وراعي الثقافة المؤسسية والمحافظ على قيمها وبدون هذا الدعم لا يكون للجودة مكانة أو قبولا في أذهان الموظفين.

في حين أن ثالث المعتقدات فهو "إشراك العاملين" فالمنظمات الناجحة حتى تستطيع أن تعزز من قدرتها على خلق القيمة تحتاج إلى مشاركة الأشخاص الأكفاء والمبدعين بمختلف المستويات واحترامهم كأفراد وتمكينهم فتعزيز الكفاءة يسهل من مشاركة الناس في تحقيق أهداف المنظمة.

وتتمحور القيمة الرابعة في "نهج العملية" فنظام إدارة الجودة يتكون من عمليات مترابطة لذلك فإنَّ فهم كيفية تحقيق نتائج العمليات بواسطة هذا النظام يمكّن المؤسسة من تحسين أدائها وكلما فهمنا العمليات والأنشطة زادت إمكانية التنبؤ بتحقيق نتائج متسقة وهذا ما يوجهنا نحو القيمة الخامسة وهي "التحسين المستمر" فالتحسين ضروري للحفاظ على مستويات الأداء الحالية ، والاستجابة للتغيرات في الظروف الداخلية والخارجية للمؤسسة وخلق فرص جديدة، أما القيمة السادسة فهي مدخل للتحسين المستمر وهي "القرار المبني على الحقائق" فالقرارات المستندة إلى تحليل وتقييم البيانات والمعلومات تؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة والعكس صحيح، لنصل إلى ختام هذه المبادئ وهو "إدارة العلاقات" فالنجاح المستمر لن يتحقق إلا عندما تدير المنظمة علاقاتها مع الأطراف المعنية، مثل الموردين والموظفين والعملاء وفق أساس النجاح المشترك وتحقيق رغبات كافة الأطراف المعنية.

خلاصة القول.. حتى نبني أنظمة جودة تتميز بالكفاءة يجب أن نبدأ من الجذور وأن نرسخ قيم ومعتقدات الجودة ومبادئها أولاً ولا ينبغي علينا القفز على المراحل، إنما معرفة التسلسل السليم للتطبيق من خلال والتركيز على بناء ثقافة الجودة وأن يكون هناك فهم عميق لهذه المبادئ في أذهان وعقول الموظفين لتأتي بعدها مرحلة الانتقال إلى تطبيق أنظمة الجودة ومواصفاتها وصولاً إلى التحسين المستمر، وكما قيل "الجودة ثقافة فسلوك فمُمارسة".

** متخصص في الجودة والمخاطر

تعليق عبر الفيس بوك