لا تنظر إليّ هكذا!

وداد الإسطنبولي

كنت في صراع شديد داخلي، كان يقف ظله بقُربي، تبسمت له فقلت: نعم... منحني الله عقلاً لنتأمل، وقلبا ينبض، لأرى به الأمور بزاوية مُختلفة عن الآخرين.

أتقول ما هذا الحزن الذي ينتابني؟ لم أكن هكذا سابقاً؟ إنه الشغف والشجن، وهما طريقان متناقضان، ولكن لازلت أتحكم بهما، لا أريد أن أقف على شفا حفرة منهما. أسمعك لا تهمس، فلا أستحي من التغير، وإن كان فيه ضد لي، فكلنا صرنا مزيجاً من صالح الأمور وطالحها، فأنا وأنت وغيرنا بين النور والعتمة.

أضحكت سريرتك؟ ماذا عن الاستفهامات؟ جوابها الصمت، وأحياناً لابد أن تختبئ الأجوبة وراء المجهول. لا ترفع كتفيك وتضم شفتيك! كأنك ترخي عن عاتقك قولي السابق لك، فأنا أعيش في جناحي الخاص، أصارع مرارة الأحداث القادم منها والعابر، ومع هذا لا دخل لي بأحد، فربما صرت عند البعض من المحظورات، لعدم فهمهم لذاتي أو لعدم فهمي لذواتهم.

لا تنظر إليَّ هكذا ببلاهة! فأنا أقول الصدق.. ستكثر من حولي الضوضاء؟ أهكذا ترى.. ربما نعم وربما لا، فأنا لا أستطيع أن أخمد النار، ولا أستطيع أن أشعلها. لا تحدق إليَّ باستغراب! وكأنك لا تعرفني... لحظة سأفهمك.. أقصد أن طريقتي في خمد النار مختلفة... كيف أفسرها لك! نعم، يوقد قلمي نارا، لينير عتمة مجهولة، تائهة، ضائعة عبر حبري، شرارته قبلات ترسم آمالا وأحلاما، ترطب الحديث بكلمة سيدتي! لكي أصمت، أتريد أن أصمت بعد أن فتحت لي مساحة للبوح بعد أن كان يزوره بصيص من النور يتناثر إليَّ مع انعكاس الضوء، وكم أفرح به، وتعودت على هذا الوضع، وإن قل فقد دل، والآن تريدني أن أتكئ..! وعلى ماذا! لا أجد إلا نفسي أستند عليها واتكئ، والرجاء من الله أن يمنحني من الأقدار أطيبها.

نعم تباشير! صدقت القول في هذا، إن للصبح إصباح، سيساق لي ولك خير من الله، لا تفكر بالنوايا، فهي مخيفة، نتركها لباريها. تقول ماذا بعد؟ لا شيء الآن يحمله الفكر، أريد فقط الاسترخاء.

ما هذه أرجوحة؟! تهديني أرجوحة... فعلتها يوماً، وكانت آخر مرة صعدت عليها، ذكرتني بطفولتي، أما الآن فيبدو أني سأهرب بعيداً عنها، ستسبب انفجار بركان، وسأنفجر هناك وحدي.