آن الأوان لتطوير جمعيات المرأة العمانية

 

د. عبدالله باحجاج

تُختزل قضايا المرأة العُمانية الآن في مسارين اثنين، وكلاهما يغلب عليه الطابع النفعي السياسي والمالي، والمنتفعون قلائل جدًا، رغم التاريخ الطويل لجمعيات المرأة العُمانية، فقد كانت جمعية المرأة العمانية بمسقط أول جمعية يتم تأسيسها عام 1971؛ أي بعد عام من انطلاقة النهضة العمانية بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وقد أصبحت الآن في كل ولاية جمعية للمرأة العمانية، لكنها لم تنتقل من مرحلة تأسيسها أو ما بعد التأسيس، وفق نماذج لجمعيات في بعض ولايات البلاد، والتي وصل فيها الوضع إلى تبجيل مبالغ فيه لبعض فاعليها في مواقعها في الجمعيات، وتجيير طموحهن من العام إلى الخاص، ومن مسارات أفقية إلى رأسية؛ أي سياسية.

وهذا كله على حساب أدوار الجمعيات، وعندما تُقام أي فعالية من قبل الجمعية، فينبغي البحث عن مسوغاتها الخاصة للفعاليات فيها، فغالبًا، لا تستنهض هذه الجمعيات إلا عندما يراد لها التفاعل مع فعالية رسمية أو ترويج لنشاط رسمي أو شخصنة فعالية ما، أما كيف تعيش المرأة في زمانها المُتقلب؟ وكيف تربي أبناءها بدخل أسرتها المحدود، وأحيانا المعدوم؟ وكيف تتعامل مع التحديات الأسرية التي تواجهها في حالات الطلاق والترمل، أو بعد تقاعد زوجها؟ وكيف تحافظ على قيم وأخلاق أبنائها في مرحلة تشهد آثارًا مدمرة لقيم وأفكار دخيلة.

هذا الوضع لا يُمكن أن يستمر طويلاً في مرحلة التحولات المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، وتأثيراتها على مسؤوليات وأدوار المرأة العمانية القديمة والجديدة، فهذه الجمعيات من منظور البعض قد أصبحت غير فاعلة من حيث الأهداف والغايات، لكونها جمعية تُعنى بخدمة المرأة والارتقاء بمستوياتها في كل ولاية، فكريًا وثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، والتواصل مع الشركاء المركزيين أو المحليين لخدمة المرأة وحل قضاياها.. أما الاستمرار في الدور التقليدي المؤسس للجمعيات، فهذا لم يعد يستقيم مع طبيعة وماهيات مرحلتنا الوطنية الجديدة، وآفاقها المستقبلية الطموحة.

لكن.. لماذا تراجع دور بعض الجمعيات؟ ربما علينا البحث عن الأسباب في قانون الجمعيات الأهلية الذي لم يعد منسجمًا ومتناغمًا مع مرحلتنا الوطنية الراهنة وآفاقها المستقبلية؛ بل أراهُ قد فقد صلاحيته منذ سنوات قبل التحولات المالية والاقتصادية، فكيف به الآن؟ لذلك لابُد من صدور القانون الجديد سريعًا، فقضايا المرأة العمانية الغالبة ليست التمكين السياسي لوحده، وهذا الأخير سيكون تحصيل حاصل نجاح الفاعلات داخل حقولهن الميدانية، وليس لمن تظهر صوتها عاليًا عبر التواصل الاجتماعي.

إننا نتطلع لقانون يحظر أبدية الرئاسات، ويقننها بفترتين رئاسيتين فقط حتى تتاح للأخريات اكتشاف قدراتهن وإمكانياتهن في خدمة المرأة العمانية بصورة مجردة، كما نتطلع لأدوار حقيقية ومن صلب كل مجتمع محلي يخدم المرأة، ويعزز أدوارهن التربوية والقيمية والأسرية والمالية.. نتطلع لقانون ينتج قيادات نسائية جديدة في كل مجتمع محلي، يمكنهن من الارتقاء بالعمل الوطني؛ سواء عن طريق صناديق الاقتراع أو إصدار القوانين.

يُؤخذ على القانون الحالي تأسيسه لأبدية الإدارة في بعض الجمعيات، وضعف أهدافها، ويجعل الجمعيات بأوضاعها القائمة بعيدة كل البعد عن محيطها الجديد، وعن التحديات التي تواجه المرأة العمانية، والقادمة أكبر في ضوء مؤشرات تستهدف الأسرة عامة، والمرأة خاصة، بسبب أجندات كبرى حول العالم، عن طريق تحطيم القيم والأخلاق لتفريغ المكونات الديموغرافية من آيديولوجياتها.

لذلك، الحاجة تستدعي قانونًا جديدًا، يُنمّي الوعي بمُجمل التحديات، وكيفية مواجهتها إيجابًا، وكلنا أمل في معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية، للإسراع في استصدار هذا القانون، وهي تعلم يقينًا بالواقع وتحدياته، وما يستوجب القيام به عاجلًا.