بين "فايزر" وأمريكا

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

في نظرة الإنسان المتقلبة والمتطورة عبر الزمن، تظهر كلمات ومصطلحات بعضها يكون أبديًا يردده البشر طوال الزمن، مثل الفلسفة والرؤية والاستراتيجية، وحتى إن الحضارات التي استنبطت تلك الكلمات قد تكون أثرًا بعد عين، غير أنَّ ما قالته يكون أكثر صمودًا واستمراريةً منها، فهل هي مُجرد كلمات فعلاً أم أسس فعلية لحياة أكثر قوةً ومدنية؟ وهل هي مخصصةً قسم من البشر دون غيره؟ وإذا كانت كذلك فهل أن من يتعامل ويؤمن بها هو المسيطر اليوم أو حتى بالأمس على مفاصل الحياة؟ وأين موقع أمتنا من كل ذلك؟

وكما أكتب دوماً وبعيداً عن أي تردد، فإنني واحد ممن يفتحون آفاق الفكرة لا تفصيلها، داعياً إلى وقفات فعلية مع مسيرة الحياة وبشكل محدد فيما هو أبعد وأعلى من توجيه واستراتيجية، إنما توجيه الفكر العام للأمة. ولأنني مؤمن كل الإيمان بأن هذا العدد من البشر في هذا الجزء من الأرض لا يتناسب مطلقاً مع وضعهم مُقارنةً بتاريخهم، وكذلك ما تزخر به الأرض وإنسانها من مقومات لا يُمكن مطلقاً أن يستهان بها، فاليوم أطرح تخوفًا وهاجسًا من أن توجيه الفكر العام للأمة وقع في عزلة ما بين واقع الحياة المعاصرة وأحلام المجد الغابرة، مع التصميم بالأفضلية، دون وجود فعلي لها على أرض الواقع، ولذلك فإن نتاج ذلك عدم وجود دور حقيقي فاعل مستحق وبقوة بين الأمم. اليوم وفي كل شيء طغت وبقوة نظرية المؤامرة علينا جميعاً واقتنعنا بأن الدول الكبرى قد تكون سبب كل شيء، وإلا أصبحنا أكثر قوة وفي كل المجالات، يقابله عدم المعرفة الواضحة بحقيقة ما نحتاج وحقيقة المستوى المتوافر فيما نعيشه.

التأثير الإعلامي- على سبيل المثال- أرانا صورة قد لا تكون دقيقة عن الولايات المتحدة الأمريكية، وعزز هذه النظرة موروث فكري متناقل أصبح وكأنه في منتهى الوضوح أنها سبب في كل شيء، في حين أننا جميعًا نكون في مُفاجأة فعلية عندما نزور هذه الدولة ونتعامل مع شعبها الذي تتفاجأ بمدى بعده عن الجوانب السياسية، وقد يكون من أكرم الشعوب.

هنا لست بصدد التمحيص الدقيق لهذه الدولة وعلاقاتها الفعلية، بقدر ما يكون إيضاحاً في طريقة التفكير التي قد تكون بحاجة إلى مراجعة. وكمثال فإنَّ العالم اليوم يعيش واحدةً من أصعب الأزمات العالمية بسبب جائحة كورونا، فمن منِّا لا يتمنى علاجًا يُنقذ به عزيزًا عليه أو يُعيد له عمله ويؤمّن من خلاله قوت يومه لأبنائه، فما هي أمنيتنا لعلماء أمريكا، وكيف تعاملنا مع ما أنتجته شركة فايزر الأمريكية- المتخصصة في صناعة الدواء والمستلزمات الطبية- من أدوية إلى اليوم؟ هل أن الأهمية من هي الدولة التي تنتج وستنتج لإنقاذ البشرية؟ هل منِّا من سيفرق أو سيسأل عن الدولة إذا كان عزيزاً عليه وحتى نفسه هو بحاجة إلى ما يعطيه من أمل في هذه الدنيا من بعد الله سبحانه وتعالى؟ لذلك إذا جمعنا نظرية المؤامرة ورؤيتنا بين العداء والحاجة، فهل نحن في الطريق الصحيح؟ ومن المعني بتوضيح ذلك؟ وإلى متى نحن في أمس الحاجة إلى قراءة الدول بعيون مختلفة وفقط لتستمر الحياة بتواضع من عقولنا التي يمكن أن تكون في مجال وأْفق أبعد بكثير؟

أترك لكم الأمر لتبحروا في الأفق الأبعد من رؤيتي لنرى حقيقة ما نعيش بصورة أكثر وضوحًا.

الأكثر قراءة