لا داعي لها أصلًا

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

يتقدم العالم في مختلف منظوماته وقطاعاته إلى الأفضل والأحسن، وأقصد هنا إلى ما يجعل المواطن يحصل على حقوقه بكل سهولة ويسر التي هي من واجب الدولة تقديمها له، ونعلم تماما أننا لسنا متساوين في كل شيء، فهناك المقتدر وغير المقتدر، وهناك الميسور وصاحب الحاجة الذي يعجز حتى عن دفع مئتي بيسة لفتح أي زيارة للطبيب، ناهيكم عن الريال والمئتي بيسة، التي تؤخذ منه ويتم تحصيلها عنه إلكترونيا في كل شهر متى ما ذهب للعلاج.

وحينما تتجه الحكومة إلى إيجاد تشريعات ونظم وقوانين جديدة، فإننا نعتقد أنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار ذاك الفقير وظروفه وأحواله، الذي لا يملك لربما حتى قوت عياله. فقد شرعت الحكومة منذ سنوات عديدة في تحصيل رسوم في البلدية والإسكان وعلى جوازات السفر والبطاقات الشخصية وبطاقات العمال والمقيمين، وفي حال تجديد المركبات ودفع المخالفات المرورية، وغيرها الكثير. والمواطن مُلزم بدفع تلك الرسوم في تلك الجهات والمؤسسات، ويكون متأهبًا لذلك في حال أراد، سواء باستخراج جديدها أو إلغاء قديمها، فمثلاً الذي يريد أن يجدد رخصة السياقة الخاصة به، يعلم أنه سيدفع رسومًا وسيُطالب بدفع مخالفات السير وأية مخالفات أخرى، وبالتالي متى ما أراد تجديد تلك الرخصة، فإنه سيذهب وهو حاسب حسابه ونقوده جاهزة.

وقس على ذلك بقية المعاملات في الجهات والمؤسسات الحكومية الأخرى، فكل إنسان قبل الذهاب لإنجاز أي مُعاملة، يستعد لدفع المبالغ، لكن الذي لا يستعد له الإنسان لربما متى ما أراد أن يذهب للطبيب ليعالج نفسه أو أحدا من أهله وعياله. ففي هذه الحالة قد يضطر للذهاب للمستشفى أو إلى أي مركز صحي للعلاج من مرض طارئ وهو ليس عنده حتى 100 بيسة، وليس في جيبه شيء، ويتفاجأ بأنَّ الموظف لن يفتح له زيارة، إلا بعد دفع الريال ومئتين أو المئتين فقط، وإذا توافر المبلغ لكن نقدًا، سيتفاجأ بنفس الرد لأنه لا توجد معه بطاقة بنكية لدفع منها الريال والمئتين بيسة أو المئتين فقط.

حقيقة شاهدت بنفسي مواقف عدة يتم إرجاع الكثير من المرضى أو المراجعين سواء لأنه ليس لديهم الريال والمئتان، أو المئتان فقط، أو ليس لديهم بطاقة بنك، وللأسف بعض مُعاملات الموظفين في تلك المنافذ والأقسام، تكون جافة وغليظة، ويتحدث الموظف مع المراجع أو المريض بالقانون، فبين كلمة وأخرى قال القانون لا يسمح، والقانون قال كذا والقانون كذا والقانون كذا.

طيب يا أخي أنا عماني وأنت عماني وفي بلدي، ومن حقي أن أحصل على علاج وعلى الحقوق الأخرى، وهذه المعاملة ليس لها داعٍ أصلاً، فيا أخي إنَّ البشاشة خير من العطاء، فكيف إذا حاز المرء البشاشة والعطاء، كن مهذبًا وبشوشًا مع الناس واجعل تعاملك راقيا ويسر ولا تعسر، فديننا الإسلامي به يسر فكيف بقوانين وكلام  البشر.

مما يؤسف له أن تصل بنا الأمور إلى هذا الحد، وحقيقة أقول وهي حقيقة أن بعض المواطنين في أحيان كثيرة مائة بيسة لا توجد معه، ناهيكم عن الريال وأكثر من الريال، وناهيكم عن أنه لو أراد أن يعالج أكثر من ابن لديه أو أكثر من شخص في أسرته، من أين سيأتي بالرسوم؟ ولا أقصد هنا أولئك الذين استثناهم القانون أو النظام.

إن التعامل الراقي من الموظفين سواء كان في المؤسسات الصحية الحكومية أو في غيرها من الجهات، يعطي دلالة على نوع التعامل السائد في تلك الجهة، ويعطي فكرة عن الأسلوب والرئيس والمرؤوس، فالموظف لو تلقى تعليمات بأنه يجب أن يكون تعامله مع المراجعين والمرضى بطريقة لطيفة ومهذبة ومحترمة وراقية، فحتمًا سيستجيب.

والمستشفيات والمراكز الصحية تختلف نوعاً ما عن غيرها من الجهات، فيجب أن تكون هناك فيها مرونة، خاصة فيما يتعلق بتحصيل الريال والمئتين بيسة أو المئتين لحالها، ونعتقد أن غير المريض لن يذهب إلى تلك المؤسسات الصحية، ومتى ذهب وليس بحوزته الريال ومئتان بيسة أو المئتان أو بطاقة البنك، فإنه لا يجب أن يُهان على تلك المبالغ البسيطة، أو يسمع كلامًا جارحًا، فنحن في عُمان ولا نرضى بهذا مُطلقًا، وعُمان وطننا جميعًا.

لذلك هذه المعاملات الجافة وتلك القسوة والشدة، يجب أن تنتهي وتتوقف وتختفي فورًا سواء الآن أو في قادم الأيام، ولا داعي لها أصلا؛ لأنها تعكس صورة سيئةً عن تلك المؤسسة ومن فيها ومن يديرها، فالعماني عُرف بأخلاقه وطيبه وإحسانه مع الغير، فكيف به مع بني وطنه، وهذه مسؤولية وزارة الصحة الموقرة، يجب عليها تنبيه وتوجيه من هم تحت إمرتها، فالوظيفة تكليف ومسؤولية قبل أن تكون نفوذا أو سلطة، وهذا ليس بكلامي أنا بل هو كلام جلالة السلطان الخالد فينا السلطان قابوس- طيب الله ثراه- وحديثه وأقواله وكلامه تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته نهج نقتدي ونهتدي به ونطبقه.. والله يوفق الجميع لما فيه مصلحة عمان.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة