إسماعيل بن شهاب البلوشي
واحدة من أهم عوامل النجاح على المستوى الشخصي أو الجماعي هو أن تعرف ماذا تريد، ومع أن العبارة توحي بالسهولة، إلا أن معناها يذهب إلى حدٍ بعيد في عمق وواقع الإنسان والحياة بشكلها العام، فقد تعيش دول أو أفراد في مصاعب كثيرة ومعاناة مستمرة، ليس لأن أدوات النجاح غير متوفرة، لكن لأن الهدف مفقود أو هو غير محددٍ أصلاً.
ولو أن هذه الفئات جلست في مصارحة فعلية مع الذات وعرفت ماذا تريد وبإجماع متكامل ومتناغم ومقبول ومحمي من الجميع لكان الأمر أسهل بكثير من أي تصور ومن هذه الأدوات المهمة موروثات ثقافية بل وفلسفية عميقة ومهمة قد تحل الكثير من المصاعب التي ينظر إليها على أنها بعيدة المنال وصعبة التحقيق. واليوم سوف أجتهد لتوضيح أمر في غاية الأهمية وألتمس العذر من الجميع بسبب استخدامي للعبارة عنوان المقال غير أنني أفسرها وأقرأها كواحدة من أهم الموروثات الثقافية؛ بل والفلسفية في تاريخ الأمة، ولو أننا أعطيناها ما تستحق من تفعيل وتفصيل لتقدمنا العالم بأشواط بعيدة ولكان كل ما نتمنى من تطور من خلالها قد أنجزناه وبكل جدارة، فعندما تختلف مع شخصٍ ما ويصل بك الأمر إلى الانتقاد ورفع الأصوات ويريد أحد أن يُغضب الطرف الآخر فإن أقوى عبارة مؤثرة أن يقول له "احترم نفسك"، في حين أنه كان بالإمكان أن يقول له "احترمني"، غير أنها لن تشفي ما في صدره ولن تكون بالوقع الذي يتمنى على الطرف الآخر، فماذا يعني ذلك تحديداً؟
المعنى الدقيق الذي لم يعطَ حقه أنه وبكل وضوح إنني أنا هو أنت، وعندما تحترمني- أو قل تعاملني- فإنك تحترم ذاتك وتعامل ذاتك، وأن أي استخفاف بي في الحقيقة هو استخفاف بنفسك وبهذا المعنى يكون أي إنسان على وجه الأرض إنما هو وكأنه يعيش بصفة الإنسان الوحيد والمتواجد في كل موقع وزاوية؛ بل وفي كل موقف. ولقد وصف الخالق عز وجل في قرآنه الحكيم أنه من قتل نفساً وكأنه قتل الإنسانية جمعاء، ومن أحياها فكأنه أحيا الإنسانية جمعاء.
وإذا كان لنا أن نتعمق في هذا الجانب أكثر وجسدنا الحياة بمشهدٍ آخر سنرى أن كل شيء في هذه الحياة نقوم به هو عائد حتماً لنا دون ذرة شك ويقوم على مبدأ ما تحترم به نفسك وما تقدر به نفسك هو كل شيء في النهاية حتماً إنما عائد لك، فعندما تقف لتسمح لشخص ما بالمرور فإنك لا تقف له إنما تثبت صفة وسلوك لسوف تكون مكانه غداً وسيقف الآخر ليسمح لك بالمرور وهذا هو احترام الذات وكذلك كل سلوك وطباع يحتاجها بنو البشر هي صفات وسلوكيات تعود لك مثل الأمانة والصدق والإخلاص في أداء الواجب وإتقانه والوقوف والاصطفاف في طابور منظم عند الحاجة إلى ذلك، كل هذه وأكثر منها أنت من يقررها وليس أي شخصٍ آخر. ولذلك وعندما تكون لنا جميعاً أهداف وطموحات وآمال بحياة أفضل نذهب بالفكر إلى اتجاهات متباعدة وعندما نركز ونعلم أين هدفنا واتجاهنا ونركز عليه ونضعه في منهاج علمي ومجتمعي تكون الأمور أسهل مما نتصور.
إننا بحاجة إلى لمسات فكر لنُغير معادلات التفوق في العلم والمعرفة والصناعة والقوة والتعامل من خلال مبادئ ومورث هو كنز من كنوز الدنيا والآخرة ثبت في عمق عقولنا ولم نظهره بما يستحق في واقع حياتنا وقد لايكون وعلى مر الأزمان وجد من هو بتلك الكفاءة ليضعه في قالبه المناسب والاستفادة منه كما يجب، ودمتم بود.