د. خالد بن علي الخوالدي
بين مشاعر مختلطة يحتفل الشباب بيومهم السنوي الذي يوافق 26 أكتوبر من كل عام، وأخص بالذكر هنا الشباب العاملين في مؤسسات الدولة الحكومية، فبعد أن تم تطبيق المنشور المالي رقم (24 /2020) الصادر من وزارة المالية بتاريخ 31/ 12/ 2020، والخاص بخفض العلاوات والبدلات والامتيازات والعلاوة الخاصة بنسبة 30% بدءا من شهر أكتوبر 2021، فإن هذا هو الخصم الثاني لعدد من الموظفين الذين يحصلون على أكثر من علاوة.
هؤلاء هم شباب الوطن وهم العمود الذي تؤسس عليه البلدان فهل من العدل والإنصاف تكسير أشرعتهم واستقطاع رواتبهم بعد مضي سنوات على رأس عملهم، وقد رتبوا على هذا الراتب حياتهم لسداد ديون وفواتير كهرباء ومياه وبين مصاريف متعددة وأسعار مرتفعة.. فهل من العدالة والحق والتعزيز والمكافأة التي يستحقونها هو الاستقطاع من رواتبهم؟ هل التوازن المالي للدولة سيتحقق بذلك؟ ألا يعلم القائمون على التوازن المالي بأن هذا الاستقطاع يتسبب في إيقاع ظلم على هؤلاء الموظفين وبأن رواتبهم هي حق أصيل لهم لا ينبغي استقطاعه دون رضاهم.
ويؤيد هذا القول فتوى الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة في برنامج "سؤال أهل الذكر"؛ حيث أفتى بعدم جواز استقطاع أي جزء من رواتب الموظفين سواءً كانوا في الحكومة أو في المؤسسات الأخرى دون رضا وموافقة الطرف الآخر في العقد وهو المُوظف، فهل سنرى تراجعًا من المؤسسات المعنية بالتوازن المالي في ما أقدمت عليه من استقطاع من رواتب الموظفين في عدد من المؤسسات؟
إنَّ هؤلاء الموظفين يتجرعون مرارة الاستقطاع دون أن يشعر بهم أحد وكأنهم من عالم آخر؛ بل زاد الطين بلة ظهور حالات التنمر والإساءة لهؤلاء الموظفين وكأنهم كانوا يسرقون هذه الأموال! ولسان حال الموظف الذي تم استقطاع راتبه يقول "لماذا كل هذا التنمر؟" ألستُ مواطنًا مثلكم؟! ألستم إخواني وأبناء عمي وخالي وخالتي وعمتي وجاركم الذي يشارككم أفراحكم وأحزانكم،؟! ألست جزءًا فاعلا في مجتمعي وبين أهلي؟
هؤلاء الموظفين يدركون ما تمر به البلاد من تحديات وصعوبات ويقدرون ولكن الوضع المادي صعب على الدولة والمواطن، والحكومة لديها طرقها في معالجة أية تأثير ولكن المواطن لا حول له ولا قوة، ويرى الموظف أنَّ المبالغ التي تم استقطاعها- كثرت أو قلت- هي مصدر من مصادر ترتيب أولوياته وعليها يُعتمد، وإن هذا الاستقطاع سوف يؤثر تأثيرًا مباشرًا على أسرته، وسيكون له تأثير غير مباشر.
إنَّ الولاء والانتماء والحب لهذا الوطن وسلطانه سوف يستمر، ومن هذا المنطلق نأمل من وزارة المالية إعادة النظر لإرجاع ما تم استقطاعه كي تظل رواتبهم كما هي.. ودمتم ودامت عُمان بخير.