الغيث النافع

 

وداد الإسطنبولي

بدون مقدمات... أكتب هنا بين ثنايا السطور حبًا فيما أردت أن أكتب عنه.. ليس زيفا.. أو تمجيد.. أو إغلاء: وإنما حق أرصده على السطور يشمل التفرد والتميز، ولم أجد عنواناً تستحق كلماتي حمله على كاهل السطور سوى الغيث النافع الذي إذا وقع نفع.

نافع بعمله، نافع بأخلاقه، وبحديثه.. شخصية عشقت القلم وصنوف الكتابة، إنها الكاتبة عائشة السريحية، التي بدأت الكتابة بعد معرَّفات في سماء الواقع الافتراضي؛ حيث كانت جرأة التعريف بالاسم الحقيقي مُغامرة خشيت خوضها، حياتها كأي فرد يبحث عن ذاته وكيانه ليصل بها إلى شاطئ الأمان الروحي، اجتازت الصعاب وتحدت العقبات، لتحقق عتبات نجاحها، فما هي عليه الآن ليس وليد اللحظة، وإنما مشوار طويل تجاوز العقدين، في الجد والاجتهاد والمثابرة.

بداية مشوارها عملت في تدريس اللغة الإنجليزية بإحدى مدارس ظفار ثنائية اللغة، ثم متطوعة في جمعية بهجة العمانية للأيتام، حملها شغف العمل التطوعي والبحث عن عمل، أن تحط رحالها وتجد مكانها الذي عشقته، لتبدأ بعدها الانطلاقة، السريحية تعلقت بحب العمل التطوعي ومن عيون الأيتام البريئة، ومُعاناة الأرامل استلمت شجاعة الصبر والكفاح، تعلقت وتمسكت بالمكان، ووضعت كفاءتها على طاولة العمل التطوعي لثمان سنوات، لتخدم الآخرين وهي تعلم أن هذه المؤسسات لن تحقق لها الطموح المرغوب ولا الكفاءة المرجوة ولا المنصب المنشود، تلمست احتياج المجتمع لها هناك، فوقع غيثها النافع.

لها عدة مشاركات في المجال الأدبي الثقافي، ولم يكن بالنسبة لها هذا الأخير مجرد تراكيب لغوية وإنما أراه نقل خبرات من الكاتب إلى المتلقي، تصقل الموهبة الفطرية وترشد إلى الطريق المستقيم الهادف، تعدل هذا وتحذف هذا وتزيل الالتباس ليتحقق الغيث النافع.

تنتقل من زهرة إلى زهرة دون كلل أو ملل إلى أن صقلتها الحياة. لها عدة مشاركات تلفزيونية وإذاعية وكتابية، أول ظهور كتابي لها يحقق نجاحا رغم صغره إلا أنه كان مؤثرا كان في 2014 في السبلة العمانية؛ حيث حازت على المركز الأول في الخاطرة تحت عنوان "دثار البؤس" ثم انطلقت نحو الكتابة في الصحف، لها لغتها الخاصة بالكتابة تجسد قلمها الغزير، وأسلوبها المبدع الذي يتجلى في موضوعاتها المختلفة والشاسعة فكتبت المقال والقصة والرواية والمقامة والشعر، ترغم القارئ على قراءة قلمها الفلسفي الشامخ وتصب عبير قلمها حاليا بين ثنايا جريدة الرؤية.

انطلاقتها الأولى للمشاركات في الأعمال الأدبية كانت من خلال الورشة الأولى من نوعها في محافظة ظفار والمتعلقة بالقصة القصيرة وكتابة أساسياتها ومكوناتها في ورشة الأخت نعيمة المهري صاحبة "مجالس الأثير" 2016؛ حيث تعرفت على مجموعة من الكتاب آنذاك وعملوا معاً على كتابة مؤلفات جماعية شاركت فيها بعدة قصص مع مجموعة من الكتاب.

هي الآن مديرة التنسيق والبرامج بجمعية بهجة العمانية للأيتام وأمينة السر بالجمعية للكتاب والأدباء فرع محافظة ظفار ورئيسة لجنة العلاقات العامة فيها.

وضمن برامج الأنشطة التربوية "اقرأ لترقى"، وجدت عائشة صوتها النافع في تلك المحاضرة التي قدمتها "استراتيجية تنمية الذكاء بالقراءة" مسيرة عطاء لحراكها الثقافي الواسع وحضورها الدائم لفعاليات ثقافية خلق منها هوية أدبية غرستها في المشاركات العدة عبر المدارس التعليمية الحكومية، فكان لها عدة ورش أقامتها بالتعاون مع المديرية العامة للتراث والثقافة آنذاك، والمديرية العامة للأوقاف والشؤون الدينية، والمديرية العامة للتربية والتعليم، حيث استمر في تقديم الورش للطالبات بمختلف مدارس المحافظة وعلى مدى خمس سنوات، ومشاركاتها للقراءات في مكتبة دار الكتاب للأستاذ القدير- رحمه الله- عبدالقادر السيل، كما كانت عضوا محكما في جائزة "الإبداع الثقافي" للعام 2018.

ومن المبادرات الجميلة التي سعت إليها السريحية لتصقل فيها المواهب والأقلام الواعدة لترى طريقها للنور في درب الكتابة الأدبية "منصة نون النسوة للثقافة والأدب" والتي جمعت أقلاما نسائية تجاوزت الثلاثين امرأة.

لها إصدارات كتابية منها" خيانة عابرة" و"حكاية الفجر السابع" كما صدرت لها ثلاث مجموعات قصصية مشتركة مع مجموعة من الكتاب.

يحق لنا أن نفخر بالفرد العماني ذكرا كان أو أنثى على هذه الأرض الطيبة بغيثه النافع للآخرين دون إفراط أو تفريط.