أحمد بن خلفان الزعابي
تسري أقدار الله سبحانه وتعالى في هذا الكون على كافة مخلوقاته، وقد تتعرض الأرض في بعض المناطق من العالم للكثير من الظواهر الطبيعية بأمر الله ولحكمةٍ يعلمها الله وحده كالزلازل والبراكين والأعاصير والعواصف وغيرها.
في الكثير من الأحيان قد تخلـّف تلك الظواهر أضرارًا على الإنسان والبيئة المحيطة به وقد ينتج عنها حالات فقد البشر من جراء ما حدث، وليس ببعيد عن بلادنا عُمان حيث أنها تتعرض للأنواء المناخية في التاريخ القديم والحديث، ولم يفت هذا الأمر على المُشـّرع العُماني؛ حيث التفت لأسرة هذا المواطن المفقود، ولقد عرّف قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (72/1991) المؤمن عليه في المادة (2) فقرة (7) على أنه العامل الذي تسري عليه أحكام هذا القانون حتى لو كان في فترة الاختبار، ولقد نظّمت المادة (58) من القانون سالف الذكر هذا الأمر للمخاطبين بأحكامه، حيث نصت على صرف إعانة فقد مؤمن عليه للمستحقين عنه بصفة شهرية تعادل ما يستحقونه من معاش بافتراض وفاته وذلك من بداية الشهر الذي أثبتت فيه حالة الفقد إلى أن يظهر ويعود أو تـُثبت وفاته حقيقةً أو حكمًا.
بالطبع إن كان المفقود صاحب معاش أي كان متقاعدًا قبل إثبات الفقد فإن الإعانة يتم صرفها للمستحقين عنه بذات قيمة المعاش وتوزع وفقًا لآلية توزيع أنصبة المستحقين التي نص عليها القانون، أما إن كان على رأس عمله في أي من منشآت القطاع الخاص أو أن حالة الفقد تم إثباتها خلال عام من تاريخ انتهاء خدمته وكانت لأسباب طبيعية كالأنواء المناخية أو فقدان الأهلية فتعادل قيمة الإعانة الشهرية معاش الوفاة بسبب غير مهني أي الطبيعي، وأما في حالة إثبات الفقد لأسباب مهنية أي خلال تأدية واجب العمل داخل أو خارج وقت ومقر العمل فإن المستحقين عنه تـُصرف لهم الإعانة كمعاش وفاة بسبب مهني وهي أعلى قيمة من الإعانة السابقة، وعلى أسرة المفقود أو صاحب العمل تقديم بلاغ لدى السلطة المختصة لإتخاذ ما يلزم من إجراءات وفي حال إثبات حالة الفقد يتطلب استخراج شهادة بذلك وتقديم طلب صرف المنفعة لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية سواء بالحضور إلى أحدى مكاتبها أو عبر بوابتها الالكترونية أو عبر تطبيق الهاتف الذكي.
بعد انقضاء 4 سنوات من تاريخ الفقد أو ثبوت الوفاة حقيقةً أو حكمًا يعتبر تاريخ الفقد هو تاريخ انتهاء الخدمة وذلك في تقدير المعاش وفقًا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية ويستمر صرف الإعانة على اعتبارها معاشًا، أما في حالة عدم توافر شروط استحقاق المعاش للشخص المفقود وذلك لعدم توافر الحد الأدنى لمدة الخدمة المطلوبة أو إثبات حالة الفقد بعد انقضاء عام على تاريخ انتهاء الخدمة ففي هذه الحالة تصرف للمستحقين مكافأة نهاية الخدمة فقط التي كان يستحقها الشخص المفقود.
وفي حالة عودة الشخص المفقود فيتم إيقاف صرف هذه الإعانة ويلغى المعاش المصروف للمستحقين إن كان المفقود صاحب معاش ويعاد صرفه له شخصيًا، وفي حالة أن ثبت الفقد لأسباب خارجة عن إرادة الشخص المفقود فيعتبر ما تم صرفه للمستحقين عنه صحيحًا، لكن فيما لو أثبتت السلطة المختصة بأن سبب الفقد كان متعمدًا فيعتبر ما تم صرفه دينا عليه.
من خلال ما تطرقنا له نجد بأن المُشـّرع العُماني قد راعى البعد الاجتماعي والمعيشي لأسرة الشخص المفقود سواء كان ذكرًا أم أنثى وذلك لضمان حياة كريمة للمستحقين عنه طوال فترة الفقد وحتى إثبات وفاته حكمًا أو حقيقة أو حتى عودته.
