راشد بن سباع الغافري
من بين وسائل التواصل المتعددة ظهر "التسجيل المرئي" أو الفيديو كأبرز هذه الوسائل وأكثرها تأثيرا وتداولا وتجاوبا من قبل المتلقي.
وقد اختصر الفيديو طريق الشهرة للكثيرين الذين لولاه لما عرفهم الناس، ولما استطاعوا التواصل معهم وبث أفكارهم بينهم، وفي السنوات الأخيرة بدا واضحا حجم التنافس بين أصحاب الحسابات في كسب أعداد المتابعين من خلال عروض الفيديو، حيث بات ينتهز هؤلاء الظروف والمتغيرات والأحداث السياسية والعسكرية أو الكوارث الطبيعية والقضايا المجتمعية، موظفين تلك الأحداث للظهور سواء بصورة إيجابية أو سلبية، ومؤثرين في الرأي العام للمجتمعات إثارة أو تهدئة. كما بدت هذه الوسيلة عند الكثيرين تمثل مصدر دخل لا يُستهان به، بل وصار يُستعان بعدد من هؤلاء في الترويج للمنتجات والمؤسسات والشركات، ولكثير من التوجهات سواء المشروعة منها أو غير المشروعة.
ولأن الأمر كذلك فقد توجه كثير من أفراد المجتمع لهذا النوع من وسائل التواصل تحت مسمى- ناشط اجتماعي- وانقسم أولئك إلى فريقين؛ أحدهما كان توجهه إيجابيا يُفيد ويستفيد والآخر ذا توجه سلبيّ لا فائدة منه.
هذه الشهرة وذاك الدّخل بقدر ما يزيد أو ينقص بجهد الشخص وتفانيه؛ إلا أنّ لأفراد المجتمع المتابعين والمتلقين الدور الأكبر في ذلك، فهم من يرفعون أسهم الناشط أو يخفضونها؛ ويكون رفعها من خلال تزايد أعداد المتابعين وكثرة التأييد للمحتوى ومدى تناقله فيما بينهم ، وأما خفضها فيكون من خلال مقاطعة ذلك الناشط بالانسحاب من المتابعة له وحظره وعدم تداول ما يروّج له.
وبالتالي فإن للمجتمع نصيب من المسؤولية في نوعية التوجه الذي يريد، ولهذا كان لابد لأفراد ذلك المجتمع من وأد الحسابات التي يُروّج أصحابها لسفاسف الأمور، يقابله التأييد التام للحسابات التي تتعامل بإيجابية وجديّة وتحترم تقاليد المجتمع وتدفع به للرقيّ.
ولهذا نقول إنه في حال ظهور توجه سلبي في المجتمع قد لا يُلام أصحاب الحسابات السلبية وحدهم؛ وإنما يكون بعض أفراد المجتمع شركاء في ذلك اللوم؛ بسبب تناقل ما لا يستحق ومتابعة من لا يستحق. فهذه المتابعات والتأييدات وتناقل ما يطرحه الناشطون هو بمثابة مؤشر على مدى وعيّ أفراد المجتمع، ومدى التوظيف الصحيح لهذه الوسائل.
إن من أبرز الأسباب التي جعلت الفيديو في صدارة وسائل التواصل إضافة إلى كم التطبيقات والبرامج التي يمكنها عرض المقاطع المصوّرة هو سرعته وقدرته على إيصال الرسائل والأفكار التي يُراد لها أن تصل للناس؛ حيث إنه اختصر الكثير من الوقت والجهد على الناشط وعلى المتلقي، فكثير من الناس اليوم- على سبيل المثال- يفضلون المشاهدة على القراءة، فما قد يعرضه الكاتب في صفحة قد يختزله الناشط في مقطع مرئي من ثوان معدودة من أرض الواقع أو مدعما بالأدلة.
في الختام نقول طالما أن التقنية متجددة فمن الأكيد أن تتطور وسائل التواصل، وما قد يثير شغفنا ومتابعتنا اليوم سيصبح من الماضي غدا بناشطيه وكل ما فيه، وعلى الناشط والمتلقي المواكبة الإيجابية لما هو آت حتى ينعم الجميع بفوائد تلك التقنية.