خليفة بن عبيد المشايخي
ينظر العامة من النَّاس إلى أي قطر ينساقوا إليه من أجل السياحة والاستمتاع بمناظره الخلابة، وبأجوائه الطبيعية الماطرة الباهرة، بأنه يجب أن يوفر ويتوفر فيه كل شيء مبهج يحتاجه السياح والزوار، ويُدخل السعادة والسرور في نفوسهم، انطلاقًا من المأكل والملبس والمسكن، وصولًا إلى أماكن للترفيه والتسلية وسائر الخدمات الأخرى ذات العلاقة، إلى جانب توفير مرافق راقية نظيفة جميلة، ونزل سياحية متطورة رائعة.
وبهذا الإجراء وبهذا الفعل، سيكون ذاك البلد جاذبًا للسياح ولكل من يُفكر في زيارته للاستمتاع بمقوماته الطبيعية وما وفره لزائريه، لقضاء أوقات جميلة وطيبة وممتعة على أراضيه، وليس منفرا له، سواء من حيث تعامل الناس في تلك المنطقة أو المكان، أو من حيث استغلال الزوار والسياح برفع الإيجارات اليومية عليهم، أو بعدم توفر الخدمات والمرافق الضرورية، أو بأمور أخرى مادية كانت أو معنوية، يتضررون ويستاؤون منها.
وعندما تشتهر مدينة معينة بمورد طبيعي معين حباها الله تعالى به وتعرف به وأنه يتواجد بها هي فقط وعليه إقبال شديد، ولا يوجد مثيله في بلدان أخرى مجاورة مثلاً، فإنه ينبغي أخذ ذلك بعين الاعتبار، من قبل المسؤولين والقائمين على قطاع السياحة، والأهالي في تلك المنطقة وذاك البلد عموما، ومراعاة توفير ذاك المورد بالإكثار من زراعته بشكل يغطي الطلب والحاجة المتزايدة عليه، ويلبي حاجة كل الأعداد التي تتوافد على ذلك البلد. خاصة وأن المجال مفتوح لإكثاره والتوسع في زراعته، وأن يكون متوفرا طوال الموسم المعروف في تلك البلد، أو في غيره من المواسم والأوقات الأخرى.
نعلم جميعاً أن المشلي (النارجيل) في السلطنة تشتهر به محافظة ظفار وولاية صلالة خاصة، وقد ذكر لي أحد الإخوة منذ أيام أثناء التحدث معي عمّا خلفته الأنواء المناخية الأخيرة وعن السياحة الداخلية في السلطنة، وقال إنه في شهر أغسطس الماضي خلت صلالة من المشلي نهائيًا، وأنها ليست المرة الأولى التي يقف فيها على هذا المشهد وهذه الظاهرة التي تبعث على الاستغراب فعلًا، وذلك لأن السياح والزوار والمتدفقين على صلالة، يستبعدون تماماً أن تخلو صلالة من المشلي، وذلك لاشتهارها بزراعته في أراضيها منذ القدم، ولأنَّ المشلي فاكهة ارتبطت بصلالة، فإنِّه يلقى إقبالا شديدا من النازلين للسياحة في محافظة ظفار، سواء ذلك في موسمها المعروف بموسم الخريف، أو في مختلف أيام وشهور السنة.
كما ذكر لي أنهم على مدار 10 أيام بقوا في صلالة، كانوا يبحثون عن هذه الفاكهة ذات الشراب والطعم والمذاق الجميل، إلا أنهم ما كانوا يجدونها مع الباعة في الأكشاك وغيرها من الأماكن مطلقًا، وإذا وجدت فإنها توجد مع شخص واحد، رافعاً قيمة الحبة الواحدة إلى 300 بيسة بدلا من 200 بيسة، وهو السعر المتعارف عليه منذ مدة، والذي كانت تباع به منذ سنوات طويلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا يتم في صلالة الإكثار من زراعة المشلي بكميات كبيرة؟ لماذا لا تُستحدث مزارع تُزرع فيها هذه الفاكهة بأعداد كبيرة حتى لا يحدث النقص الذي يحدث في معظم مواسم الخريف؟ فالمسؤولون في ظفار لا يحتاجون إلى إخبارهم بهذه الظاهرة وتنبيههم لإكثار زراعة المشلي، بيد أنهم الأقرب لها!
حقيقة مما يُؤسف له أن تخلو صلالة من المشلي في أي وقت من الأوقات الطبيعية والعادية، فما هي الحجة يا ترى، وما رد المسؤولين واصحاب المزارع؟ حقيقة ليس جيدا أن تخلو صلالة من هذه الفاكهة بشكل مستمر وهي تستقطب السياح والزوار من مختلف أصقاع المعمورة، فهذه الفاكهة مطلوبة ومرغوبة، وبدونها لا يحلو التنزه أو التواجد في صلالة، فالذي عهدناه أن صلالة منتجة لهذه الفاكهة، وخلوها من هذه المدينة الرائعة، يفتح أكثر من علامة استفهام ويطرح العديد من الأسئلة، فنتمنى أن نسمع أخبارا جيدةً بأنه تم معالجة هذه المشكلة، وأنه لن تتكرر أقل القليل في الأحوال العادية، فصلالة بدون المشلي ليست مكتملة، فازرعوا المشلي بها حتى تظل كما كانت.