د. خالد بن علي الخوالدي
قدر الله وما شاء فعل؛ حيث تعرضت السلطنة لأنواء مناخية استثنائية "الإعصار المداري شاهين" ومرَّ بالتحديد على محافظات مسقط وشمال وجنوب الباطنة، وتمركزت عين الإعصار على ولايات المصنعة والسويق والخابورة وصحم، وقد تأسفنا على الخسائر البشرية كثيراً وندعو الله أن يتقبلهم شهداء كما ندعوه سبحانه أن يخفف على من تضرر من الأنواء المناخية، وكسبنا إيجابيات كثيرة لعل أبرزها النبض الواحد لكل أطياف المُجتمع؛ حيث كانت عُمان نبضا واحدا ويدا واحدة في المساعدة والعون والتخفيف من كل الآثار المادية والنفسية والروحية.
لقد مر الإعصار على عدد من القرى في ولاية الخابورة التي شهدت كمية أمطار ربما لم تشهدها خلال عدة سنوات، فرأينا البيوت وقد تهدمت، والجدران تساقطت، والشوارع تكسرت وتقطعت، والسيارات بالعشرات قد جرفتها المياه، والحيوانات غادرت إلى البحر بالمئات ونفق أغلبها.. أضرار جسيمة حدثت نتيجة الإعصار الذي تحول إلى عاصفة مدارية بعدما اصطدم باليابسة، الأمر الذي يستوجب تكاتف الجهود وتوحدها بطريقة منظمة تراعي الأولويات، مع إيماننا بأنَّ الجميع يرغب في فعل الخير والمساعدة، لكن التنظيم مطلوب بين جهود المؤسسات وجهود الفرق التطوعية والجهود الأهلية، وهذه الجهود العظيمة في معناها وواقعها هي برهان محبة للخير ولهذا الوطن الغالي فعلينا توجيهها التوجيه السليم.
في الشدائد تنكشف المعادن وتُدرك معاني الإنسانية والأخوة والكرم والشهامة والشجاعة والرجولة والإقدام، والشعب العماني توارث هذا جيلا بعد جيل، فقد بادر قائد البلاد بالنظر في أوضاع المتأثرين بالأنواء المناخية؛ حيث أمر جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية شاهين، بهدف توفير شتى أشكال الدعم والمساعدة للتخفيف من حدة تلك التأثيرات عليهم في أسرع وقت. ورأينا قبل الحالة جهودا كبيرة ومقدرة من قبل مؤسسات الدولة المختلفة؛ حيث تم إعداد مراكز الإيواء لمن سيكون التأثير عليهم مباشرة خاصة قاطني المناطق الساحلية ورأينا جهود شرطة عمان السلطانية بالمرور على المنازل وتوعيتهم للخروج منها والتوجه إلى المواقع المخصصة والمجهزة لهم، كما رأينا ومنذ الساعات الأولى للحالة المدارية جهود الشرطة والجيش السلطاني العماني والدفاع المدني والبلديات والأهالي والجيران والفرق التطوعية والخيرية لفتح الطرق وإيصال المساعدات للمتضررين وتسهيل وصول الناس إلى منازلهم.
اتصالات ورسائل كثيرة وصلتنا لتقديم العون والمساعدة بالمال وبكل الوسائل من شقق واستراحات وناقلات مياه ورافعات سيارت وتوصيل مياه وأغذية وغيرها من أنواع المساعدة، وهذا غير غريب على الشعب العماني المبادر والكريم، معادن أصيلة لا نستطيع التعبير عن مدى شكرنا وتقديرنا لها، وقد لمسنا التفاعل المُثمر من كل أبناء السلطنة ومن أبناء محافظة شمال الباطنة خاصة فيما يتعلق بالعمل التطوعي ما يدعو إلى الفخر والاعتزاز، شكراً لتلك القلوب والأرواح الجميلة التي تهافتت من كل أنحاء السلطنة تسأل عن الأحوال وتفتح أبواب منازلها لنا وتُبادر بتقديم كل ما يلزم.
وختامًا.. شكرًا لحكومتنا القريبة من نبض الوطن ومن نبض الشعب والتي قدمت وتقدم جهودًا لا يُمكن وصفها؛ لإعادة الحياة إلى طبيعتها في الولايات المتأثرة.. نعم تأثرنا وفقدنا الكثير في هذه الأنواء، لكن كسبنا النبض الواحد من الحكومة والشعب بكل أطيافه، ودمتم ودامت عمان بخير.