العمانيون.. شواهين التلاحم والتراحم

 

 

◄ التلاحم والتراحم الذي يُظهره العمانيون تجاه وطنهم وتجاه بعضهم البعض مع كل نائبة تمر بهم ليس مُفاجئا ولا غريبا عليهم

 

 

راشد بن سباع الغافري

 

ما إن ينتشر خبر تَعرُّض السلطنة لأيّة حالة طارئة حتى يُيمم الجميع أقلامهم وأفئدتهم نحو عُمان وأهلها؛ يخطّون بتلك الأقلام أسمى معاني التلاحم والتراحم، وتلهج أفئدتهم بعبارات التضرع إلى الله بأن يحفظ بلادهم ومن عليها من كل مكروه.

فقبل أيام كانت وسائل التواصل الاجتماعي تضج بالمطالبات والانتقادات من قبل بعض المُواطنين، وما إن دخل شاهين من السماء إلى الأجواء حتى تحول الجميع في هذه الأرض الطيبة إلى شواهين يصطف جميعهم للتعامل مع هذه الحالة المدارية قبل وأثناء وبالتأكيد ما بعد حدوثها، مؤكدين شيَم المُوَاطنَة تجاه الوطن الأشم، وهذا أمر ضمن أشياء كثيرة تُميّز العمانيين؛ فعمان بالنسبة إليهم فوق كل شيء وقبل أي شيء.

ومن ذات المبدأ نجد يد الحكومة مع يد جميع أطياف المجتمع، فنرى العسكري والمدني، والغني والفقير، والصغير والكبير، والذكر والأنثى؛ يصطفون جميعاً في توجه واحد وأداء موحد لدرء المخاطر عن هذا الوطن العزيز حتى تزول الحالة، راسمين لوحة تكاملية تعاونية يعجز الأديب عن وصفها.

أفراد المجتمع وأعضاء الحكومة وجميع المؤسسات العسكرية منها والمدنية إنما يجسّدون ويمثّلون بفعلهم وتفاعلهم المميّز ذاك القيم الإسلامية، والمعاني الإنسانية، والبصمة الأخلاقية العمانية التي أشاد بها رسولنا الكريم، وامتدحها كذلك أعزَّ الرجال وأنقاهم السلطان الراحل- رحمه الله- بعد حالة مدارية مشابهة مرَّت بها السلطنة.

فالتلاحم والتراحم الذي يظهره العمانيون تجاه وطنهم وتجاه بعضهم البعض مع كل نائبة تمر بهم ليس مفاجئاً ولا غريباً عليهم؛ وإنما هو أمر متأصل ومتجذّر فيهم، والتاريخ يشهد بذلك وما جونو ومكونو عنَّا ببعيديْن.

إن الحالة الطارئة التي تمثلها الحالة المدارية "شاهين" ليست الأولى من نوعها وبالتأكيد قد لا تكون الأخيرة، وربما تخلّف الكثير من الأضرار التي قد تلحق بالممتلكات سواء العامة أو الخاصة، إلا أنَّ ما يطمئن الناس هنا سواء كانوا مواطنين أو مقيمين هو ثقتهم الكاملة بأن الجهود الحكومية والجهود المجتمعية والتطوعية والفردية ستعمد مباشرة إلى ترميم تلك الأضرار، وإعمار ما قد يفسده الإعصار، وتوفير الاحتياجات الضرورية والطارئة لمن يحتاجها. ولهذا نرى ونقرأ في مختلف وسائل الإعلام والتواصل عن الاستعدادات المبكرة والمتنوعة برصد الإمكانيات، وتوفير المساعدات التي تغطي كل ذلك، وهناك الكثير من المبادرات الفردية ومن الفرق الأهلية والتطوعية لتسخير كثير من المعدات والأدوات ومساكن الإيواء للتقليل من أثر تلك المخاطر والأضرار.

ختامًا.. من المفيد جدًا أن يستقي الناس المعلومة الصحيحة من مصادرها الموثوقة، وذلك منعًا لانتشار الشائعات المتعلقة بالحالة المدارية والتي قد تتسبب في بعض الإرباكات، ومن المفيد أكثر أن يكون هناك وعيًا مجتمعيًا بعدم المخاطرة والمجازفة في هكذا أنواء، حتى بعد زوالها وإلى أن يتم التأكد من مأمونية الأوضاع. وليتأكد الجميع أن قيادة هذا الوطن العزيز حريصة عليهم فليكونوا بالمقابل حريصين على أنفسهم حتى نتجنب الكوارث في النفس البشرية.

حفظ الله عمان وأهلها من كل مكروه وجعل الله هذه الحالة المدارية سُقيا خير ورحمة اللهم آمين.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة