قمة النظم الغذائية لعام 2021

علي الرئيسي

عُقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قمة النظم الغذائية لعام 2021، ويشمل مصطلح "النظام الغذائي" كل شخص وكل عملية تشارك في زراعة الطعام أو جمعه أو صنعه، من المزارعين إلى جامعي الفاكهة إلى آلات صرف السوبرماركت، أو من مطاحن الدقيق إلى الشاحنات المبردة إلى مرافق صنع السماد.

يكسب المليارات من الناس معيشتهم من أنظمة الغذاء العالمية؛ ففي عام 2017، شكلت الزراعة وحدها 68 بالمائة من الدخل الريفي في أفريقيا، وحوالي نصف الدخل الريفي في جنوب آسيا، حسب تقديرات البنك الدولي. وقيمة النظام الغذائي العالمي تبلغ حوالي 8 تريليونات دولار، وهي تقريباً عشر الاقتصاد العالمي بأكمله. ويهدف مؤتمر النظم الغذائية- بحسب منظمة الأمم المتحدة- إلى تحقيق الأهداف التالية:

1- تحقيق تقدم ملموس وإحراز تقدم قابل للقياس نحو خطة التنمية المستدامة لعام 2030؛ حيث يحدد مؤتمر القمة الحلول، على أن تصدر دعوة للعمل على جميع مستويات النظام الغذائي، بما في ذلك الحكومات الوطنية والمحلية والشركات والمواطنين.

2- رفع مستوى الوعي وتعزيز مستوى النقاش العام حول الكيفية التي قد تساعد في إصلاح الأنظمة الغذائية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تنفيذ إصلاحات مفيدة للناس ولكوكب الأرض.

3- وضع مبادئ لتوجيه الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من أنظمتهم الغذائية لدعم أهداف التنمية المستدامة. وستضع هذه المبادئ رؤية متفائلة ومشجعة تلعب فيها النظم الغذائية دورا مركزيا في بناء عالم أكثر عدلا واستدامة.

4- إنشاء نظام للمتابعة والمراجعة لضمان استمرار نتائج القمة في دفع إجراءات جديدة وإحراز تقدم. وسيسمح هذا النظام بتبادل الخبرات والدروس والمعرفة، كما سيعمل على قياس تأثير القمة وتحليله.

هناك حوالي 150 دولة ستتبنى قرارات هذه القمة، وستشهد القمة تعهد الدول الأعضاء بالعمل على تبني طرق ووسائل للتحول إلى نظم إنتاج للغذاء أكثر استدامة، وقادرة على التعامل مع الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية القادمة، والتعامل مع قضايا الجوع، الفقر وعدم المساواة. وذلك يتضمن الالتزام والتعهد بمحاربة بصورة جذرية من إهدار الطعام، وبتوفير التغذية المدرسية، والعمل على تطوير سبل الزراعة والري الحديثة.

ويأتي انعقاد المؤتمر كعلامة فارقة ضمن أجندة المنظمة الدولية؛ حيث ستقوم المنظمة بدور الوسيط والمنسق الذي سيجمع مختلف الآراء التي ستطرح من قبل أكاديميين، خبراء، ومنظمات مجتمع مدني، مزارعين، مجتمعات محلية، وهيئات وشركات خاصة، وذلك للتوصل إلى حلول قابلة للاستدامة وتتسم بالعدالة والمساواة.

وهذا المؤتمر يحمل أهمية خاصة بالنسبة للوطن العربي؛ حيث تتفاقم فيه مشكلة الغذاء خاصة أنه مستورد لمعظم الأغذية، كما يعاني جزءٌ كبير من السكان من الفقر، وتستورد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 50 بالمائة من احتياجاتها من المواد الغذائية، بينما تستورد دول الخليج 100 بالمائة من احتياجاتها من المواد الغذائية. وفي معظم بلدان المنطقة يفرض ازدياد الأسعار عبئًا ماليًا ثقيلًا على عاتق الحكومات، فضلًا عن خلق عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

ومن المرجح حسب البنك الدولي أن يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وخاصة بعد أثر الجائحة إلى ازدياد الفقر في المنطقة في الأمد القصير، فالفقراء في المناطق الحضرية والمزارعون الصغار والهامشيون هم الخاسرون.

غير أن مئات من منظمات المجتمع المدني، والأكاديميين، والحركات الاجتماعية تنوي مقاطعة المؤتمر؛ حيث يزعمون أن أجندة المؤتمر تم اختطافها من قبل الشركات الكبرى المنتجة للأغذية. وحيث إن المؤتمر يحمل اسم مؤتمر الناس أو الشعوب من قبل المنظمين، إلا أن آلاف المنتجين الصغار والمزارعين والجماعات المحلية، والذين يمثلون 70 بالمائة من الإنتاج الغذائي العالمي، سيكونون من ضمن المنسحبين من المؤتمر، حيث يزعمون أن تجاربهم وخبرتهم تم تجاهلها.

وأصدرت 600 مجموعة وفرد بيانًا، أعلنوا فيه رفضهم استعمار الشركات الكبرى للنظام الغذائي العالمي تحت مظلة مؤتمر الأمم المتحدة للغذاء حسب الجارديان البريطانية، وان النضال من أجل نظام مستدام وعادل وصحي سيستمر، كما إن هذا النضال لا يمكن فصله عن نضال الناس من أجل حقوقهم. وتتهم هذه المنظمات الأمم المتحدة بتجاهل هذه التجارب والمعرفة وعدم الاحترام لهذه التجارب والمعرفة من قبل منظمي المؤتمر.

وقد تم انتقاد وجود شركات كبرى مثل نستله، وتايسون وباير في المؤتمر والدور الذي قامت به هذه الشركات في طرح حلول لمشاكل النظم الغذائية والتي تخدم في الأخير الأجندة الربحية لهذه الشركات العملاقة. كما تزعم الجماعات المنسحبة من المؤتمر أن الدور الاحتكاري الذي تلعبه وتهيمن عليه هذه الشركات لم يتم التطرق إليه؛ حيث تهيمن هذه الشركات على مجمل قطاعات الأنظمة الغذائية بدءًا من البذور، والسماد، المسالخ إلى السوبرماركتات. كما لم يتطرق المؤتمر إلى حقوق العمال والمزارعين والمنتجين الصغار، أو إلى آثار جائحة كوفيد-19 رغم أنها أدت إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية.

باحث في قضايا الاقتصاد والتنمية

الأكثر قراءة