موازنة البرامج والأداء وتنافسية الخدمات

 

محمد بن عيسى البلوشي

كان السؤال الذي تصدر بحثي في موضوع الموازنات العامة وأنواعها وقواعدها وأهدافها، هو: هل من الجيد أن تتجه الدول ذات الموارد النفطية إلى موازنة البرامج والأداء كي تستطيع مواكبة المتغيرات الاقتصادية التي تواجهها اليوم؟، وهل هي "التحصين المناسب" ضد مخاوف الدول من مسألة نضوب الذهب الأسود في يوم من الأيام وبالتالي تصبح فكرة "أجهز الدواء قبل الفلعة" ضرورة حتمية؟

لا شك أن الاهتمام بهذا النوع من الموازنات أصبح ضروريا في ظل أهمية تحديد الدول لأهدافها الإستراتيجية وقياسها سنويا وتوجيه الموارد المالية بشكل رشيد يضمن تقديم أفضل الخدمات بأعلى عائدٍ مالي، وهو شغل الحكومات في ظل توجهاتها نحو تحسين بيئة الأعمال المؤدي إلى تنويع مصادر الدخل.

هذا الأمر يتطلب أن تتفهم الجهات والوحدات الحكومية إعادة النظر في أعمالها وتقديمها على شكل برامج يمكن قياس أدائها بشكل سنوي/فصلي، وتحديد تكلفة كل برنامج على حدة بهدف المتابعة والرقابة على سير العملية التنفيذية وتقييم مسار البرنامج وما تم إنجازه مع ما هو مقرر الوصول إليه، وأيضاً إعادة التوجيه في الوقت المناسب للمساعدة في إنجاح البرامج وفق الخطة الزمنية المحددة.

إن رؤية بلادي نحو "عمان 2040" تتطلب منِّا إعادة النظر في الكثير من الجوانب المتعلقة بأداء الخدمة العامة في المؤسسات الحكومية، ومحاولة فهم حجم التحديات التي تواجه الحكومة لتحقيق الاستدامة في مثل هذه الموازنات. وأعتقد أصبح من الأهمية بمكان أن نعي اليوم كأفراد ومؤسسات أهمية تطوير الأدوات الضامنة لتحقيق الاستدامة والوصول إلى الكفاءة والفاعلية.

لا أشك أن الرغبة في تطوير شكل إعداد الموازنة العامة للدولة من موازنة البنود إلى موازنة البرامج والأداء سوف يُساعد على تطوير الأداء العام للمؤسسات، وهذا ما يدفعنا إلى التأكيد على أهمية إعداد المؤسسات الحكومية وتهيئتها لأية تطورات مستقبلية تخدم أهداف الرؤية، ويدعم ممكناتها الرئيسية لخلق تنافسية بين تلك المؤسسات والوحدات بهدف تقديم أفضل الخدمات ذات المنافع الاقتصادية والاجتماعية والتجارية، والعائد الضامن لديمومة الموارد المالية والبشرية وتطوير رأس المال.