نظام الشرطة البيئية هو الحل

 

سلطان بن عبدالله الشكيلي

تواصل الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة" الجهود الحثيثة ضمن حملتها التوعوية التي أطلقتها مجددا تحت مسمى "عمان تستاهل" لإيصال رسالة رئيسية مضمونها في هشتاج (#مطلوب_للعدالة) و"الجاني لا يزال طليقا"؛ حيث انطلقت هذه الحملة من محافظة ظفار نتيجة للسلوكيات الضارة بالبيئة العمانية وقضية رمي وكب المخلفات بشكل عشوائي بالأخص في موسم الخريف، والأسوأ من ذلك أن هؤلاء الأشخاص ربما لم يتلقوا المخالفة التي يستحقونها ثمناً لما اقترفوه وربما لم تطبق عليهم العقوبات بحسب اللوائح القانونية البيئية المعمول بها في السلطنة.

قوانين بيئية

عملت السلطنة منذ وقت مبكر على سن التشريعات والقوانين واللوائح المتعلقة بحماية البيئة ومكافحة التلوث، ولعل أبرزها قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١١٤/ ٢٠٠١، وقانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦/ ٢٠٠٣. كما صدرت العديد من القرارات الوزارية والإدارية من مُختلف المؤسسات الحكومية المختصة مثل هيئة البيئة، وتعديلات في بعض أحكام قانون المرور بشرطة عمان السلطانية، وتحديد جزاءات إدارية على مخالفات بلدية مسقط. حيث تعبتر مجمل المواد الجزائية والعقوبات فيها تصل لغرامات بآلاف الريالات وبالسجن أو بإحدى العقوبتين المفروضتين. وقد منحت الجهات ذات العلاقة عددا من الصلاحيات لمأموري الضبط القضائي من المفتشين والمراقبين والمختصين العاملين لديها للتعامل مع كل حالات حوادث التلوث وانتهاكات الحياة الفطرية.

وآثار التهديد البيئي تتجاوز الحدود بمؤشرات مرتفعة وخطيرة مع مرور الوقت في كل ما يتعلق بالنفايات والمخلفات، والاعتداء على الحياة الفطرية، والتوسع العمراني، والتطور الكبير لوسائل النقل والاتصالات، والمناطق الصناعية والنفطية وملوثات الهواء النقي وانبعاثات الطاقة، فضلاً عن ما يُمارسه بعض أفراد المجتمع العماني والسياح من المواطنين والمقيمين والخليجيين والعرب والأجانب بالأخص مرتادي محافظة ظفار بموسم الخريف من إلحاق الضرر بالبيئة والمساهمة في التلوث ورمي وكب النفايات والمخلفات أو تخريب المسطحات الخضراء أو المائية بأماكن عديدة ذات جذب سياحي وبيئي فريد من نوعه بتلك المناطق بالرغم من معرفتهم بالمخاطر التي يُمكن أن يتعرض لها الشخص عن طريق التلوث فضلا عن المخاطر الصحية مثل: التهاب الجلد، والفيروسات التي تنتقل عبر الدم كالتهاب الكبد الفيروسي "بي" و"سي" . كما تعد هذه المعطيات  كلها عوامل تسرع من عملية تطوير النظم القانونية البيئية من مبدأ التشريع والتطبيق والنفاذ سواء في العالم وحتى لدينا في السلطنة، ولذلك شهدنا إعلان بعض الدول العربية والخليجية قيام أجهزة الشرطة البيئية لديهم من ضمنها: المملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة العربية السعودية بعدما أثبتت التجارب خلال السنوات أنَّ التوعية والمعرفة بضرورة حماية البيئة لا يكفيان.

ويبقى السؤال المطروح من قبل المجتمع والجهات البيئية ذات العلاقة والمتعاونين والباحثين ومحبي الطبيعة بالسلطنة: متى سوف يتم تفعيل جهاز الشرطة البيئية لدينا ؟! وهل سيكون هنالك محكمة مختصة تعنى بكل قضايا اعتداءات الأفراد والسلوكيات الخاطئة ضد البيئة؟! بالرغم من الجهود الدؤوبة وحملات التوعية البيئية الإعلامية اللامنقطعة لصون مكتسبات الإرث البيئي والتنوع البيولوجي والجيولوجي والتي حباها الله لبلدنا عُمان؛ إلا أن المسؤولية وغرس ثقافة الوعي البيئي وتعزيزها لدى بعض أفراد المجتمع لا تزال متذبذة.

مهام واختصاصات الشرطة البيئية

مع وجود نظام الشرطة البيئية سيعمل بعد تفعيله والإعلان عنه على حماية جميع مكونات البيئة وعناصرها من صون الهواء من التلوث والمياه والتربة، والحياة الفطرية، ومكتسبات مكنونات الإرث البيئي والحضاري، والموارد الطبيعية والغطاء النباتي والتشكيلات الجيولوجية الفريدة. كما من شأن الشرطة البيئية توفير ميزانيات كبيرة على الدولة بعد تطبيق المُخالفات على المخالفين، وفي حال تكرار المخالفات يمكن إحالتهم بعد ذلك مباشرة للقضاء البيئي المختص والنظر للعقوبات المعمول بها في عُمان وتطبيقها عليهم؛ حيث تؤكد لنا الإحصائيات التي تصدرها شرطة عُمان السلطانية بشكل دوري حول المخالفات المرورية - لو ذكرناها كنموذج - أنها قللت بعد تطبيقها السرعات العالية والحوادث في شوارعنا بالسلطنة على الرغم من إلمامنا كمجتمع بوصول الحملات التوعوية الإعلامية التي كانت ولا زالت تنشر حول السلامة المرورية بالطرقات قبل أن يتم تفعيل المخالفات.

وأبرز مهام الشرطة البيئية تتمثل في: رصد وضبط كافة مظاهر التلوث الهوائي مثل عوادم السيارات والمبيدات الحشرية، والتفتيش البيئي على المنشآت الصناعية والمحلات والمحاجر التي لا تلتزم بالاشتراطات البيئية، وتحرير المخالفات على رمي النفايات في غير أماكنها الصحيحة، وعمل المحضر وجمع البيانات والأدلة في حال وجود شبه تعدٍ على البيئة والحياة الفطرية، ومنع الصيد الجائر والرعي الجائر، وغيرها من المهام والاختصاصات الأخرى.    

ويعد القانون البيئي أساس تطور البيئة وحمايتها ويساهم في ريادة الدول وتقدمها ويعزز من قيمة النظام البيئي وتوازنه، ويحافظ على العناصر والموارد الطبيعية ومكتسباتها وجمالياتها. لذا فمن المنتظر أن يكون تأثير وجود جهاز الشرطة البيئية تأثيرا إيجابيا سوف يعمل في المقدمة على رفع مستوى الصحة العامة بعد ما سيقلل أو يحد من انتشار التلوث ورمي النفايات بكل مكان. كما سيعمل الجهاز على تقليل ميزانيات ومصروفات الحكومة في المجالات البيئية كعمليات النظافة والكشف عن الأمراض الناتجة عن التلوث ومعالجتها. فضلا عن أننا سنحمي الموارد والمكتسبات والإرث البيئي بمتوقع مؤشرات مرتفعة جدا مستقبلاً يساهم فيه جميع من يعيش في السلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة