الإجازة المرضية للعامل

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

بطبيعة الحال فإنَّ الإنسان إذا ألمّ به المرض توجه لزيارة الطبيب لأجل التشخيص والحصول على العلاج، فإذا ما قرر الطبيب منح مريضه إجازة مرضية لأجل الاستشفاء والاستراحة في المنزل فهذا حق مكفول بموجب القانون.

ولقد نظم قانون العمل العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (35/ 2003) آلية صرف أجور العاملين في منشآت القطاع الخاص بالسلطنة خلال تمتعهم بالإجازة المرضية. ونصت المادة (66) من هذا القانون على الآتي: "مع مُراعاة أحكام قانون التأمينات الاجتماعية للعامل الذي يثبت مرضه الحق في إجازة مرضية لا تتجاوز في مجموعها عشرة أسابيع خلال السنة الواحدة سواء كانت منفصلة أم مُتصلة ويحتسب أجر العامل عن هذه الإجازة من الأجر الشامل كاملًا عن الأسبوعين الأول والثاني و75% عن الأسبوعين الثالث والرابع و50% عن الأسبوعين الخامس والسادس و25% عن الأسابيع السابع حتى العاشر ويكون إثبات المرض بموجب شهادة طبية وفي حالة النزاع يعرض الأمر على اللجنة الطبية المنصوص عليها في المادة (43) من ذات القانون وللعامل المريض أن يستنفذ رصيده من الإجازة السنوية إلى جانب ما يستحقه من إجازة مرضية".

ووفقًا لنص هذه المادة فإنَّ الإجازات التي تمَّ التطرق إليها هي الإجازات المرضية الطبيعية أي التي حصل عليها العامل لأسباب مرضية خارج نطاق العمل؛ حيث إنَّ هذه المادة أشارت في بدايتها إلى قانون التأمينات الاجتماعية وذلك لأجل الإشارة إلى أنَّ أية إجازة ناتجة عن إصابة عمل أو مرض مهني فإنَّ أحكام قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (72 /1991) هي التي نظمت آلية صرف أجور العامل المصاب وتعويضه، وسنتناول هذا الموضوع في مقال مفصل لاحقًا.

هنا قد يحصل العامل المريض على إجازة مرضية قصيرة مدفوعة الأجر، أما في حالة حصول العامل على إجازة مرضية تجاوز مجموعها 10 أسابيع فهنا يشرع صاحب العمل في اتخاذ إجراءات تحويل العامل على اللجنة الطبية تطبيقاً لأحكام المادة (43) من قانون العمل العُماني وعند مناظرة اللجنة الطبية لحالة العامل المريض قد تتخذ القرار في شأنه بعدم اللياقة الطبية للعمل، وفي حالة أن علاج العامل المريض لا يزال متواصلاً- أي لم ينتهِ بعد- فإنَّ اللجنة الطبية لا يُمكنها اتخاذ القرار في حالة العامل المعروضة أمامها إلا عند استقرار الحالة أو انتهاء العلاج، وخلال هذه الفترة التي يتلقى فيها العامل المريض علاجه يكون بلا أجر؛ حيث استنفذ فترة الأجر التي يدفعها صاحب العمل وبالتالي أصبح هذا العامل مريضًا وبدون دخل ولا يُمكن لأي عامل اعتاد على دخل مُعين أن يعيش وأسرته بدونه، وأن توقف الأجر سيتسبب له ولمن يُعيلهم بأزمة مالية واجتماعية في ذات الوقت.

في الحقيقة هذه مشكلة كبيرة تفرض على المشرّع العُماني الالتفات إليها ولابُد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتغطية هذه الفترة قانونًا ومن جهتي فإنني لا أميل إلى تكليف صاحب العمل بأية أعباء مالية إضافية، خاصة أنه ملتزم تجاه العامل بسداد الاشتراكات الشهرية للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وقد يلجأ لضرورة توفير عامل بديل بأجر.

وهنا أقترح- إن جاز لي ذلك- أن يتخذ المشرع كافة الإجراءات القانونية لأجل التعديل على أحكام المادة (66) من قانون العمل والتعديل كذلك على أحكام نظام الأمان الوظيفي للإجازة بصرف منفعة للعامل الذي تتجاوز مجموع إجازاته المرضية عشرة أسابيع بالانتفاع من منفعة نظام الأمان الوظيفي حتى انتهاء العلاج واستقرار الحالة المرضية بالشفاء أو بالعجز.

وأخيرًا.. إنَّ الالتفات للمشكلة المطروحة من قبل المشرع يمثل واجبًا تجاه العاملين بالقطاع الخاص، خاصة خلال الفترة المُقبلة والتي من المتوقع أن تشهد تعديلات جوهرية على قانون العمل العُماني.

تعليق عبر الفيس بوك