ورحل حاضن القرآن

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي

عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

هو خال أبي رحمه الله ووالد أبناء خالتي، عاش على الكفاف في حياته بسيطاً كآبائنا الأولين مجاهداً من أجل توفير لقمة العيش لأبنائه، فعمل في التجارة طوال حياته ليترجل عنها في سنواته الأخيرة بعد أن ثقل عليه الحمل من المرض، وبلوغه الثمانين من عمره فأقعده المرض في بيته ليُسلم وجهه لله محتضناً مصحفه الكبير يُرتل آياته البينات في كل حين، فلا تزوره في بيته إلا ومصحفه أمامه يقرأ منه ما تيسر من الذكر الحكيم، وعندما تهمُ بالانصراف تسمع كلماته وترحابهِ بالضيف؛ حيث يجب أن "نتقهوى" وتأخذ من كرمه شيئاً وإذا قلت خلاف ذلك يلح عليك حتى ترضيه برشفة فنجان من قهوته العامرة بالخير.

رحل البارحة حاضن المصحف وبقيت ذكرياته وما كان يقرأهُ من كتاب الله حاضرة في أعماله وقُرباته إلى الله فما عند الله باقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فيجازي الله المحسن بالإحسان إحسانا وبالطاعات جناناً ورضوانا.

هكذا يرحل الصالحون في صمت بدون ضجيج وفي راحة نحسبها كذلك مع الله في عليين ولا نزكي أحدًا.

رحل والحسرات تشق قلوب أبنائه وإخوته وأحبابه ومن عرفه لما عرفوا عنه من سيرة حسنة وصبر على المرض وتلاوته للقرآن وهو على فراش مرضه .

رحم الله تلك الأنفُس الذاكرة لربها ورحم الله جميع أمواتنا وأموات المسلمين وجعل مثواهم الجنة وأنعم عليهم بلطف الرحمن وشفاعة نبينا العدنان صلى الله عليه وسلم.

وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فقد رحل حاضن القرآن.

تعليق عبر الفيس بوك