ما لا تألفه البيئة

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

تبدو ظاهرة رمي مُخلفات البشر لدى البعض سلوكًا طبيعيًا جدًا، فقد ألفهُ البعض، إما بسبب قلة الوعي لديهم بمخاطر هذه القمامة أو بسبب انعدام الشعور بالمسؤولية تجاه المكان والإنسان.

ورغم درجة العلم والمعرفة التي وصلنا إليها، ونحن في الألفية الثالثة، إلا أن بعض البشر من رواد الأماكن السياحية كالسهول والأودية والعيون المائية لا يكترثون بمن سيأتي من بعدهم ليستمتع بالطبيعة المتنوعة التي حبى الله بها بلادنا عُمان، حيث هناك المُلتزم وهناك غير الملتزم تجده يترك مخلّفاتهُ، ويُغادر المكان بعد قضاء وقت ممتع، أو أن البعض يجمعها في كيس قمامة دون وضعها في الحاوية المخصصة ليتركها حيث كان جالسًا لعلَّ الفرق الشبابية التطوعية أو عمال النظافة يمرون على المكان ليحملوا عنه مخلفاته، أو قد يحدث الأسوأ وتأتي بعض الحيوانات لتقتات عليها، أو قد تتحلل بعض المخلفات في التربة أو قد تجرفها مياه الأودية مخلفةً بذلك أضرارا بالبيئة والحيوان والإنسان ومشوهةً لجمال الطبيعة، كما أن البعض يحلو لهم السير بمركباتهم فوق المسطحات الخضراء خلال موسم الخريف بمحافظة ظفار متناسين غير آبهين بأن ممرات إطارات مركباتهم لن تنمو عليها الحشائش الموسم القادم، هذا خلاف الطريقة الخاطئة للتخلص من الكمامات الطبية التي فرضتها علينا جائحة كورونا (كوفيد-19) كأحد وسائل الوقاية.

ألا تدري هذه الفئة أن سلوكياتها هذه تشوّه جمال الطبيعة وتخالف بذلك أحكام قانون الجزاء العُماني؟ الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (7 /2018) الذي جرّم مثل هذا السلوك في المادة رقم (293) التي نظمت هذه المسألة والتي نصت على أن "يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (10) أيام، ولا تزيد عن (3) أشهر وبغرامة لا تقل عن (100) ريال عُماني ولا تزيد على (300) ريال عُماني أو بإحدى هاتين العقوبتين". وهذه تُعد دعوى عمومية أجاز القانون للإدعاء العام تحريك الدعوى، كما ألزم القانون كل من شهد أو علم بوقوع مثل هذه الممارسات الخاطئة إخطار الجهات المختصة، ولقد فرضت علينا أحكام قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (114 /2001) مسؤولية حماية البيئة حيث نصت المادة (6) على أن "مسؤولية حماية البيئة والحفاظ عليها تقع على عاتق الجميع أفراد وجماعات" وفي هذا الصدد لا بد لنا من التطرق إلى نظام المحافظات، والشؤون البلدية الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (101/2020)، والذي أشار في الفصل الثاني المادة (6) فقرة (8) إلى "أن الحفاظ على سلامة البيئة بالتنسيق مع جهات الاختصاص يقع ضمن اختصاص المحافظة"، كما أناط الفصل السادس المادة (22) فقرة (35) بالبلديات ممارسة صلاحية "اتخاذ التدابير وعمل التجهيزات اللازمة لمنع إلقاء المخلفات في الطرق والأسواق والحدائق والمتنزهات والمواقف وغيرها من الأماكن العامة"، وهذا مدعاة بأن هناك حرص من المشرع العُماني على البيئة وعدم النيل منها وتدميرها.

وانتبه يا من لا تأهبه بجمال طبيعة بلادك بأن الله تعالى قال في كتابه الحكيم {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} {الأحزاب:58}.

لكل ذلك ولأننا جميعًا على يقين بأن مثل هذه السلوكيات تُشكل خطرًا على البيئة وعلى المظهر العام للسياحة عمومًا، هنا يتوجب أن تتضافر جهود الجميع من مؤسسات حكومية وخاصة وأهلية وأفراد لأجل النهوض نحو بث الوعي بين أوساط المجتمع، باستخدام مختلف القنوات المتاحة لأجل الحفاظ على وطننا من شماله إلى جنوبه نظيفًا جميلًا جاذبًا.

تعليق عبر الفيس بوك