أكبر من مجرد حلم

 

الطليعة الشحرية (حالوت أليخاندرو)

لم يكُن يتصوَّر الشاب عيسى الشكيلي كل هذا الاحتفاء، وهو يصوِّر ويعرض مقاطع فيديو مبسطَّة نقلَ من خلالها فكرته الرائعة للملايين، بابتكار بيوت مُتنقلة مصغَّرة يُمكن استخدامها في الرحلات السياحية الداخلية، مع طرح الخيار للمستخدم إما بتشغيل البيت بالطاقة الشمسية أو أي نوع آخر من الطاقة، مع ضمان التصميم والتشغيل بأيدٍ وطنية كفوءة.

بعد مشاهدتي للفيديو تساءلت: لِمَ لا تُطوَّر الفكرة أو تتبناها جهة رسمية للتوسُّع؟ ماذا ينقصنا لنضمن انتعاشا مستدامًا لقطاع السياحة لدينا؟

جلستُ إلى الكرسي، وأنا أستقبل طيفا هائلا من الأفكار والتساؤلات، تأتيني من بعيد فرادى وجماعات: ماذا سنجني لو تمَّ تحويل فكرة الشكيلي إلى مشروع وطني كبير "وين ما تكون بيتك يجيك"، أو مشروع سياحي متكامل "بيتك السياحي معك"، في أي مكان تختار، فقط ابعث موقعك للتطبيق ويصلك بيتك مُجهزًا حسب طلبك؟!

أعتقد أنَّ الجميع يتفق معي حول متعة السفر الكامنة في الراحة والاستمتاع والاستجمام، ويا سلام إذا تحقق ذلك بتكاليف معقولة على أقل تقدير. وبعيداً عن عروش المدن الخراسانية، وبتبني أفكار خلاقة وإبداعية، فإنَّ تطوير فكرة كهذه سيكون مساهمًا حقيقيًّا في إنعاش سياحاتنا الداخلية على مستويات عدة؛ فمن ناحية سيفتح المجال للإبداع الوطني الشبابي، كما ستخلق فرص عمل جديدة، وسوقَ عمل أجدد منه، سواءً في مجال الطاقة البديلة أو التقنيات والمعلومات...وغيرها.

ففكرة "بيتك يجيك" عبر تطبيق "أرسل موقعك يوصلك بيتك"، مناسبة لكل الفصول السياحية بالسلطنة سواء الشتوية أو الموسمية، بل وقابلة لأن تكون في كل مكان وبالسعر الذي يحدده صاحب الشأن والأيام التي يريدها، ولن يهتم أحد بعد ذلك بعبء تجميع وتحميل وشحن ما يحتاج؛ لأن بيته سيكون جاهزًا ومعدُّا بالكامل بما طلبه مسبقاً.

وقياسًا على ذلك، يُمكن بالمقابل حل جزء كبير من مشكلة النفايات في الأماكن السياحية، والتي تطفو للسطح في كل موسم، وتدفع بالكثيرين للمطالبة بوجود "شرطة سياحية". ففي رأيي قد يكون الحل الأمثل من وجه نظري المتواضعة الاستفادة من التجارب الدولية الواعدة في هذا السياق كتجربة دول شرق آسيا، وتحديدا كوريا الجنوبية التي تمتلك "مكب نفايات واي فاي"؛ كل من يجمع قمامته ويلقيها يحق له استخدام شبكة "الوي فاي" مجانًا.

تُرى، ماذا لو اعتمدت هيئة تنظيم الاتصالات الفكرة بالتعاون مع طلاب تقنية المعلومات بكلياتنا التقنية والجامعية، لابتكار فكرة مشروع مكب نفايات رقمي: "اجمع قمامتك يصلك رقم الإنترنت المجاني"، ويكون الاستهلاك لمدة مُعينة حسب كمية أو وزن القمامة التي يقوم بجمعها. بالطبع مع اشتراط أن يتم وضع وتوزيع نقاط تجميع القمامة الرقمية بكافة التجمعات السياحية التي تكثر فيها أعداد الزوار، وليس الاقتصار على أماكن محددة فحسب.

على سبيل المثال، إذا نظرنا لمساحة موسم خريف صلالة، والذي ينشط لمدة 3 أشهر كل عام، سنجد أغلب الزوار يتجهون دوما إلى منطقة "إتين"، فماذا لو تمَّ إجراء بعض التعديلات للاستفادة من هذه المساحة بأن تكون متنزها طبيعيا مجهزا بأماكن مخصصة لمحبي الشوي أو الطبخ، وساحات أخرى مفتوحة لـ"سوق الخيام"، ومن ثمَّ يتم الاستفادة منها طوال السنة وليس فقط وقت الخريف، كأن يتم مثلا تنظم "سوق الخيام"، يتم من خلاله إتاحة الفرصة للأسر المنتجة بتأجير الخيام بأجور رمزية، ليستفيدوا منها، ويفيدوا في نفس الوقت زوار المنطقة.

سوق الجمعة في ساحة مفتوحة، ما هو إلا إعادة لتعريف جديد لموروث "الهبطة" بأسلوب يتفق مع الجميع، ويسهم ويشجع على الإنتاج من قبل ذوي الدخل المحدود والمؤسسات الصغيرة. وكذلك الحال على بقية مناشط وفعاليات مهرجان صلالة، فالمسارح والعروض مثلا لم لا يتم توزيعها بشكل ممنهج ومُرتَّب، وبما لا يسبب ضغطًا على شريان الطرق العامة بزحام خانق؟!

مجرد أفكار، أو إن شئت فسمِّها أحلامًا من عقل يُحب السفر والاستمتاع والراحة، أتمنى لها أن تكبُر وترى النور، ولكن خارج إطار الخيال.