قواعد الحوار الإعلامي

محمد بن عيسى البلوشي

 

تتهافت القنوات والإذاعات على تقديم المحتوى للمشاهدين والمستمعين، وتتسابق مواقع التواصل الاجتماعي وموقع البث العالمي (يوتيوب) على تقديم المحتوى، ويبذل الإعلاميون والمشتغلون جهداً في الإعداد ومحاولة تسليط الضوء بشمول الموضوع المطروح. ومع السرعة التي قد تتطلبها بعض البرامج أو المنصات، يغفل البعض عن الركائز الأساسية في إعداد الحوار الجيد والناجح وتنسيق الفكرة بشكل منتظم وواضح لدى المتلقي.

ربما ساعدتنا سنوات عملنا الطويلة في الصحافة والإعلام والتي تجاوزت ٢٣ عاماً، والتقائنا بالعديد من الشخصيات الرسمية والدولية، في تحديد طرق فاعلة في إعداد الحوارات الناجحة مع الضيوف، والتي كنا نبدأها بقراءة معمقة حول الموضوع المراد الحديث عنه وجمع أكبر قدر من المعلومات من مصادر متعددة، وأبعاده المتنوعة (المتصلة،والمنفصلة) على الأطراف الثلاثة (المجتمع، المؤسسة،صناعة القرار في سوق العمل)، هذا بالإضافة إلى إطلاعنا على السيرة الذاتية للضيف ودرجته العلمية والمهنية ومعرفة بعض مهام عمله، هذا بالإضافة إلى الاطلاع حول أهم الاستفسارات التي تحوم حول الموضوع ووجهات النظر المحكمة فيه من خلال رصد لأهم المقالات المنشورة والآراء الموثوقة.

 

كنا نعد مسودة أولى لأهم المحاور الرئيسية للقاء الضيف بعد الانتهاء من الواجبات السابقة، بل كنا نهتم كثيرا بالتواصل مع الضيف قبل إجراء الحوار ورصد أهم نقاط القوة في الموضوع المراد طرحه، لتكون بعدها المحاور النهائية جاهزة قبل عرضها على رئيس القسم المعني أو مدير التحرير، خصوصًا في المواضيع ذات الأهمية والأولوية.

كانت خطواتنا الإعلامية الصحيحة في إعداد المحتوى الجيد للمتابعين والمفيد لأصحاب القرار، هو ما يشغل بالنا الإعلامي، لأن مهمتنا ممثلة في إعداد الفكر البشري وهي من أصعب المهام التي كنَّا نستشعرها في حواراتنا الإعلامية وعلمنا المهني ونقلنا للصورة، فالإعلام هو همزة الوصل بين المرسل والمتلقي، وشعرة معاوية التي لابد أن تكون متصلة بين المجتمع والحكومة.

من المهم ألا يؤثر تسارع الزمن وسرعة الحياة على المنتج الإعلامي، كي لا يظهر بأنصاف الصورة وبشكل ضعيف ومشوه، بل على الإعلامي والمشتغل في هذا الجانب بذل أقصى درجات الجهد ليتمكن من أدواته وليقود المنتج الإعلامي إلى مساحة الفائدة لجميع الأطراف، فالحكومة مهتمة لسماع صوت المجتمع، والمجتمع مهتم ليعرف ماذا تصنع الحكومة، وذلك في علاقة تكاملية هدفها المصلحة العامة.

 

من المهم أن يستفيد إعلاميو هذا الجيل من التطور التكنولوجي ويقومون بتوظيفه بشكل مناسب، وأيضًا من المهم أن يتقنوا الطرق الإعلامية المتنوعة ويتمكنوا من أدواتها، لكي يقود الإعلام باقتدار وهيبة مرحلة فكرية ومعرفية في زمن تشهد فيه دول العالم حروباً معلوماتية وإعلامية طاحنة.

إعلامي وصحفي

 

الأكثر قراءة