الحماية من مخاطر الطريق

 

ظافر بن عبدالله بن أحمد الحارثي

dhafiralharthi@gmail.com

قال تعالى في الآية (40) من سورة يس: (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)- صدق الله العظيم، من هذا النظام الكوني نستنتج أنَّ للحياة قانون ونظام لا تستغني عنه، ونلاحظ أنه تزداد أهميته حيثما يوجد الأفراد وتنشأ العلاقات فلا مجتمع بلا قانون ينظم سلوكياته على صعيد كافة مجالات الحياة، والتي من بينها ما يتعلق بالنظام العام والسكينة العامة والأمن.

فمن قديم الزمان عرفت الأجيال متعاقبة جهازًا يعنى بالحفاظ على الأمن، بحيث يختلف في شكله وصلاحياته ووظائفه حسب الزمان واحتياجات الحياة المواكبة مع تطورات المرحلة،  ففي وقتنا الحالي هذا الجهاز يتمثل في (شرطة عُمان السلطانية) الذي يقوم بمهام الحفاظ على الأمن العام، وحماية الأرواح والأموال والأعراض، وكفالة الطمأنينة والسكينة من خلال وسائل عديدة أبرزها تنظيم كافة العمليات ذات الصلة بالسير والمرور نظراً لمستجدات التطور التي أوجدت مركبات تتمثل في (السيارات، والشاحنات، والحافلات والقاطرات، والمقطورات،والجرارات، والمعدات، والدراجات) والتي تعد وسيلة من وسائل النقل أو الجر، المعدة للسير بقوة آلية أو جسدية على الطريق ومعدة لنقل الأشخاص أو الحيوانات أو الأشياء.

إنَّ الإدارة العامة للمرور التي تندرج ضمن جهاز الشرطة هي من تقوم بتنظيم وتطبيق أحكام المرور، فهم من جنود هذا المجتمع الذين يحرصون على إرساء أسس النظام، وتحقيق هدف من أهداف استخلاف الإنسان في الأرض، بل وتنفيذ مقاصد الشرع الذي يوجب الحفاظ على النفس والمال، هؤلاء الجند يستحضرون عند تنفيذ مهامهم قاعدتي الربط والضبط، اللتين تدوران حول التحكم الذاتي من أجل تكييف السلوك وفق الظروف، والمقدرة على مداومة الانضباط وعدم إقتصاره في ظرف معين، كما أن هذا الجهاز يشكل أحد العناصر المهمة في هذه المقالة والمعروفة بالسلطة التنفيذية؛ إلا أن العنصر الأهم والذي يعد المستهدف الأساسي لهذا المقال هو الفرد سائق المركبة مستخدم الطريق وكل سبيل مفتوح للسير العام، والذي بدون أدنى شك يشكل الفكر والوعي الذي يمتلكه المرآة العاكسة لسلوكياته ونشاطه، إذ إن الإلمام بالأنظمة يقيه من مخاطر المرور، فضلًا عن أنه يعد من الواجبات الأساسية التي يتعين عليه التعرف عليها وخصوصًا أن هناك قاعدة آمرة تقضي بعدم جواز ادعاء الجهل بالقانون.

أما العنصر الثالث الرابط بين هذا الجهاز وبين الأفراد هو الأنظمة والمتمثلة في قانون المرور الصادر وفق المرسوم السلطاني رقم (٢٨ / ٩٣)، والتعديلات الواردة على بعض أحكامها الصادرة وفق المرسوم السلطاني رقم (٣٨ / ٢٠١٦)، بالإضافة إلى لائحته التنفيذية الصادرة وفقًا للقرار رقم (٢٣ / ٩٨) والتعديلات الواردة على بعض أحكامها الصادرة وفق القرار رقم (٣٢ / ٢٠١٨)، علاوةً على ذلك كل ما يصدر عن الجهة المختصة من مستجدات تنشر للعامة إما على شكل قرارات أو مَناشير؛ حيث تشمل هذه الأنظمة تنظيم مسائل: (تسجيل المركبات والترخيص بتسييرها، ومسائل رخص السياقة، كل ما يتعلق بالمتانة والأمن، وكذلك ما يتعلق بقواعد المرور وآدابه من علامات وإشارات وتعليمات وغيرها ... من الموضوعات التفصيلية).

إنَّ هذه الأنظمة لايُمكن أن تُصاغ أو تُشرع دون أن تقترن بجزاءات ومخالفات توقع على من يخالف أحكامها لأن ذلك هو إحدى خصائص القاعدة القانونية والتي بفقدانها لا تحقق هذه التشريعات غايتها في الردع والزجر، وفي المقابل عند التمعن جيدًا في تلك التشريعات سنجد أن الحفاظ على الإنسان وتنظيم مصالحه هي الغاية الأسمى من كل ذلك، وليس كما قد يظنه البعض بأنها لتحقيق أهداف أخرى؛ لذا كان من الضروري أن نسلط الضوء على أهمية الإلمام بهكذا تشريعات وخصوصًا كونها تساهم في بتر كل العادات والممارسات السيئة التي تمارس من قبل سائق المركبة بشكل خاص ومستخدم الطريق بشكل عام سواء في الظروف العادية أو الظروف الاستثنائية.

يعد القانون دليل الإنسان في نشاطه، لا أبالغ في قول ذلك لأن الشريعة الإسلامية هي أول وأهم مصادر التشريع التي تُقوم سلوك الإنسان قبل تقرير الضوابط، وتوسع دائرة التعامل بالأخلاق قبل بدء التعامل بقواعد القانون، بل إنها لا توقع الجزاءات إلا بعد تشريع يحدد الممنوع من المباح؛ وكل ما يتطلبه الأمر حتى نخلق حراكًا قانونيًا ووعيا ثقافيا يدير سلوكياتنا نحو الاتجاه الصحيح هو القراءة والتعرف على هذه الأنظمة، مما سيقودنا بكل تأكيد إلى ابتكار خطوات وطرق ملائمة أكثر ومتناسبة مع طبيعة المجتمع، فالجهود التي تبذل من قبل المؤسسات وبعض الأفراد وحدها لا تكفي ولا تقارن نتائجها بالنتائج إذ ما تعاون الكل وتعاضد الكل للكل.

تعليق عبر الفيس بوك