العمل التطوعي في أزمة كورونا

سعيد غفرم

said.gafaram@gmail.com

 

جائحة كورونا المستجد نشرت معها الكثير من العبر والدروسَ التي يمكن الاستفادة منها وتوظيفها في حياتنا اليومية، لاسيما وأن الوضع الوبائي ألحق أضرارا مادية ونفسية بالغة بسبل عيش الناس، وتفاعلهم الاجتماعي مع بعضهم البعض، وأحدث تغييرًا جذريًا بحياتهم الاجتماعية والاقتصادية والصحية، ما سيكون له أضرار داخل المجتمع الواحد أو بين المجتمعات الإنسانية.

وفي ظل الأزمة التي تشهدها دول العالم ومنها السلطنة والمتعلقة بتفشي فيروس كورونا، فقد أوجد العمل التطوعي نفسه على الساحتين المحلية والدولية، كونه وسيلة مهمة في بناء المجتمع، ويهدف إلى نشر التماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمع ومنظماته، وهو سلوك حضاري له قيمة إنسانية نابعة من النفس، ولا يحتاج إلى مؤسسات خيرية أو حكومية للبدء به. إضافة إلى انعكاس تلك الأعمال الخيرية للمتطوع على الوطن اجتماعيا وبيئيا واقتصاديا.

ندرك أن الدولة قامت بجهود كبيرة من أجل أن تعود الحياة إلى طبيعتها  رغم الجائحة العالمية، والآن جاء الدور علينا جميعاً لنثبت تعاون المواطنين مع المرحلة المقبلة وتحدياتها، كاتباع كافة التعليمات التي تصدرها اللجنة العليا، والابتعاد عن التجمعات العامة أو العائلية، والحرص على اتباع الإرشادات الوقائية، والذهاب لمراكز التحصين لأخذ اللقاح بأسرع وقت ممكن للحد من انتشار الوباء.

وقد بدأت وزارة الصحة بتحصين فئة مستهدفة جديدة ضد فيروس كورونا، تشمل الفئة العمرية 18 سنة وما فوق في جميع محافظات السلطنة ضمن الحملة الوطنية للتحصين ضد (كوفيد-19).

لهذا فمن الضروري التوسع في تدريب الفرق التطوعية على مهارة إدارة الأزمات الصحية والكوارث والحالات الطارئة، والعمل على تشكيل فرق عمل ميدانية وإدارية؛ لتأهيلهم في مسانده جهود الحكومة في مكافحة انتشار الوباء خصوصا؛ لما للعمل التطوعي من أهمية متجذرة ومتأصلة في قيمنا الاجتماعية العُمانية، وهي ظاهرة اجتماعية، تُساهم في تحقيق التعاون و التكاتف والتآخي بين أفراد المجتمع المحلي.

كما إنه يتوجب توفير قاعدة بيانات وطنية شاملة للمتطوعين ماديا ومعرفيا؛ وذلك لتسهيل الوصول إليهم لغرض الاستجابة والمساعدة في الحالات الطارئة.

ومن الضروري أيضًا تفعيل دور المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع الخاص في دعم الشباب ومشاريعهم الريادية والاجتماعية؛ تثمينًا لما بذلوه من جهد من أجل الوطن لتحقيق طموحاتهم وإسهاماتهم الإيجابية في خدمة مجتمعهم العُماني.

لقد أدركنا أن عائد استثمار منصات التواصل الاجتماعي فعالة للغاية، وقادرة على نشر ثقافة العمل التطوعي، فلابُد من الاهتمام بصقل مهارات الشباب في هذا الجانب بالتدريب والتأهيل الملائم لمواهبهم الإبداعية في العمل التطوعي، وتزويدهم بمعلومات اللازمة لإدارة فعالة وناجحة في مجال التطوع، مما يُسهل إيصال فكرة العمل التطوعي لكافة فئات المجتمع بطريقة سهلة وميسرة وذلك تماشيا مع رؤية "عُمان 2040".

وأخيرًا.. وها هو دورنا الآن لنثبت أننا نقف مع حكومتنا الرشيدة لمواجهة تبعات هذه الجائحة العالمية، بدءًا من الأفراد، مرورًا بمنظمات القطاع الخاص وصولا إلى القطاع الحكومي، وذلك انطلاقا من إيماننا الراسخ بأهمية العمل التطوعي في تعزيز المشاركة الوطنية في الأزمات الصحية والإنسانية الكارثية.

تعليق عبر الفيس بوك