الأيام المعلومات

علي بن حمد المسلمي

aha.1970@hotmail.com

"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم". من منطلق الآية الكريمة تتكون السنة الهجرية من اثني عشر شهرًا منها أربعة حرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.

ولقد ورد ذكر الأشهرالأربعة الحرم في السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام: "السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ". إن هذه الشهور مُعظمة عند الله وتعظيم ما عظمهُ الله هو أقرب للتقوى"ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" وجعل الذنبَ فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم. ومن هذه الشهور المصطفاة، شهر ذو الحجة فيه الأيام المعلومات التي أقسم الله بها في بداية سورة الفجر" وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ".

وفضلُ هذه الأيام كبير؛ فهي أيام شريفة ومفضلة على سائر الأيام العمل الصالح فيها مضاعف، ويُستحب الاجتهاد فيها لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْء".

فحريٌ بنا في هده الأيام المباركة أن نتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة كالصلاة والصيام والصدقة وقراءة القرآن، والذكر بالتهليل والتحميد والتكبير وصلة الرحم عبر الوسائط الاجتماعية في ظل الظروف الاستثنائية التي نعيشها الآن. ولا سيما إن هذه الأيام المباركة فيها وقفة عرفة يوم الحج الأكبر،وتذكير بحجة الوداع التي خطب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم خطبة الوداع يوم تمام الدين وهي أكبر نعمة أنعمها الله على عباده والتي نزلت فيها  الآية الكريمة "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" ويرجع الحاج فيها بعد أداء مناسك الحج كيوم ولدته أمه، وصيامه لغير الحاج يكفر السنة الماضية والمستقبلة.

كما إن هذه الأيام فيها يوم عيد الأضحى المُبارك الذي سنَّهُ الله سبحانه وتعالى  لعباده، وهو يوم فرح وسرور وتوسعة للعيال، تنحر فيه الأضاحي ويتذكر الغني فيها الفقير وخاصة، ونحن في ظل هذه الجائحة وما ترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية ومعيشية اقتداء بسنة الخليل إبراهيم عليه السلام الذي فدى ابنه إسماعيل بذبح عظيم امتثالا لأمر الله عز وجل ولتكون سنة بعده للعالمين.

ومن سنن العيد، التطيب والتجمل والأكل بعد الرجوع من الصلاة، والذهاب من طريق إلى المصلى والرجوع من طريق آخر وأداء صلاة العيد والامتثال لأمر الله، والاقتداء بسنة المصطفى، بنحر الأضاحي بعد أداء الصلاة وزيارة الأرحام.

لكن في ظل الظروف الحالية ينبغي الالتزام بتعليمات الجهات المعنية بالوضع الصحي في البلاد، وما اتخذته من قرارات والأخذ بما أقره العلماء الأجلاء في بلادنا؛ لما فيه خير وصلاح الفرد والمجتمع؛ فحفظ النفس بعد الدِين مُقدّم على بقية المقاصد في  الشريعة الإسلامية.

إن هذه الأيام المعظمة في الشهر المعظم يتطلب منا إعادة النظر بنظرة موضوعية إلى السنة الهجرية بما تحويه من شهور وأيام مباركة تتوقف عليها شعائر هذا الدين العظيم، وهي مواقيت للناس ذكرها الله لعباده في كتابه الخالد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ كي تظل هذه الأمة متمسكة بحبل الله المتين وترد عزتها وكرامتها كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله".

تعليق عبر الفيس بوك