الرؤى المستقبلية تمثل دعامات الجذب الاستثماري والمجتمعي لمجالاتها المتنوعة

الفنون.. روافد إبداعية وإمكانيات إنتاجية تعزز فرص الاستثمار بين السلطنة والسعودية

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

"هيئة الترفيه".. خُطوة عملية نحو دعم إستراتيجات التنمية وتعزيز التنافسيّة

◄ الفن التشكيلي "أبو الفنون" السعودية.. وطارق عبدالحكيم "الأب الأكاديمي" للأغنية

◄ الدراما الواقعية في المملكة تجتذب الجمهور العربي.. و"طاش ما طاش" بالمقدمة

الرؤية- مدرين المكتومية

لم تستأثر التنمية السياسية والاقتصادية وحدَها بمُرتكزات رُؤية المملكة العربية السعودية 2030؛ بل كان الإنسان السعودي هو المحور الذي تدُور في فَلكه أولوياتُ مُستقبل التنمية الشاملة والمستدامة بالمملكة؛ فيصغت الرؤية وفق محاور تضمن بناء فكره ووعيه وثقافته، لكي يكون قادراً على الوفاء بمسؤوليات المستقبل. لذا؛ لم يكن مُستغربا أن تتحدث الرؤية بوضوح عن النهوض بصناعة الترفيه لتكون جزءاً رئيسيا من اقتصاد المملكة، ببنية أساسية متينة، تسمح للمال بأن يدور بشكل طبيعي في جسد هذه الصناعة الوليدة.

وعندما ينحا الحديث نحو "الترفيه" في المملكة العربية السعودية، فإنَّ المعنِيَّ بهذا المفهوم يشمل: المسرح، والسينما، والموسيقى، والتشكيل..وغيرها، والتي يعدُّ كل واحد منها صناعة في حد ذاته، لكنها تتشارك في دعامات الجذب الاقتصادي والمجتمعي سواءً لمساعدة المستثمرين أو تقديم محتوى فني يتناسب وأذواق المتابعين. واسترشادًا بهذه المرتكزات التي تنتطلق منها "رؤية 2030"، كان كَشْف هيئة الموسيقى السعودية عن إنشاء فرقة وطنية للغناء الجماعي، بمثابة خطوة عملية على درب تجذير الفنون في تربة الواقع السعودي الجديد؛ مع تعهُّد الهيئة بالعمل على تشكيل فرقة وطنية احترافية تتمتع بمهارات عالية لتمثيل المملكة في المحافل الموسيقية محليًّا وخارجيًّا؛ إيمانا بأهمية الموسيقى ودورها في تشكيل ثقافة الشعوب ونشرها محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.

ويُسجِّل التاريخ للمملكة تصدُّرها قوائم أوائل الدول الخليجية التي اهتمَّت بفن المسرح، حيث بدأت عروضه في العام 1950 بتقديم عدد من المسرحيات؛ من بينها: "صلاح الدين وعبدالرحمن الداخل"، وفي 1960-1970 تحولت نوعية المسرحيات المقدَّمة على خشبة المسرح، إلى مسرحيات اجتماعية تقدَّم لجميع أفراد المجتمع.

ومنذ ذلك التاريخ، واصلتْ الحكومة السعودية اهتمامها الواسع بالفنون المسرحية؛ كونها أحد أبرز الفنون التي تقدم أعمالا اجتماعية، وتناقش قضايا إنسانية، وتواكب ما يعيشه المجتمع السعوي وكافة المجتمعات الخليجية والعربية؛ حيث ارتأت الحكومة في يناير من العام 2020 تأسيس هيئة المسرح والفنون الأدائية، والتي تدعم النهوض بالمجال المسرحي ودعمه وتشجيع الاستثمار فيه.

وكان العام 2017، سجلا شاهدًا على تأسيس أوَّل مسرح نسائي رسمي تحت مظلة جمعية الثقافة والفنون في جدة، ضمَّ في بداياته 75 فتاة، مقدِّما عروضَه على مسرح الجمعية، ومشاركاً في الفعاليات الثقافية والاحتفالات والمهرجانات الأخرى. قبل أن يُسجِّل العام 2018 لأول مشاركة للمرأة السعودية بعد غياب 50 عامًا عن العروض الجماهيرية في المملكة؛ من خلال مسرحية "حياة الإمبراطور"، التي نفذتها الهيئة العامة للترفيه على مسرح دار العلوم بمدينة الرياض.

ولم تكن جهود الارتقاء بالفنون في المملكة، في شقها المتعلق بـ"السينما"، حديثة العهد، بل تعود تاريخيًّا إلى ستينيات القرن الماضي، لكنها تجدَّدت بالإعلان عن دعم صناعة القطاع بالموافقة في ديسمبر 2017م على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في المملكة. وكانت البداية بإنتاج أول فيلم سعودي عام 1950 وكان بعنوان "الذباب". ويبلغ عدد الأفلام السعودية التي أُنتجت منذ العام 1975 وحتى العام 2012 255 فيلما سعوديا، معظمها أفلام تسجيلية أو قصيرة.

أما تاريخ الدراما السعودية التليفزيونية فقد بدأ فعليًّا مطلع الستينيات من القرن الماضي؛ تزامناً مع تأسيس التليفزيون السعودي الحكومي في ذلك الوقت. حيث وفي العام 1969 عُرض مسلسل "الفارس الحمداني" كأول إنتاج درامي سعودي تم إنتاجه من قبل تليفزيون الرياض. ومع ظهور الفضائيات السعودية الخاصة في بداية التسعينات؛ مثل: MBC وشبكة راديو وتليفزيون العرب، انتشرت الدراما السعودية عربيًّا. حيث وفي العام 1993 عرض مسلسل "طاش ما طاش" وهو دراما كوميدية واقعية سعودية، ومن خلاله بزر عدد من الممثلين السعوديين ما زالوا حتى 2019 يشاركون في الأعمال الدرامية.

ويعدُّ الفن التشكيلي السعودي هو البداية الحقيقية للفنون التشكيلية في المملكة؛ باعتراف الباحثين ومؤرخي الفن، بعد اعتماد مادة التربية الفنية مادةً أساسيةً ضمن مواد التعليم العام في المملكة عام 1377هـ.

وعلى صعيد الموسيقى السعودية والغناء، فلكم شهد هذا الفن ثراءً في التنوع حسب المناطق والمحافظات؛ آخذا بعض الأشكال الغنائية المعتمدة على المهن والبيئات؛ ومنها: الهيجنة (للجَمَّالَةٌ)، وحداء السواني (استخراج الماء)، وأغاني البناء والفلاحة والطحن...ونحوها.

والباحث في تاريخ نشأة الأدب السعودي المعاصر في جنوب المملكة العربية السعودية عبر النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري، يُدرك وضوح التباين الفكري في اتجاهاته، ومدى ما ناله من مظاهر التطور والصحوة؛ فالظروف السياسية والمذهبية والاجتماعية أثرت إلى حد كبير في تكوين ذلك الأدب، وساعدت على اتساع مراحل تطوره. وبذلك نشطت الساحة الأدبية وازداد عدد الإصدارات الفكرية والأدبية والشعرية إلى جانب ظهور عدد كبير من الكتاب والأدباء والناشطين في مختلف الفنون الأدبية، خاصه مع اهتمام المملكة الواضح بالعمل على تطوير الأدب وزيادة رصيدها الإنتاجي.

واستنادًا على ذلك، لم يكن مستغربًا أن تزخر المملكة العربية السعودية بالعديد من العادات والتقاليد المتوارثة؛ وتشتهر السعودية بإقامة المهرجانات التراثية مثل: مهرجان الجنادرية، ومهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، ومهرجان الرياض للتسوق والترفية، وغيرها الكثير.

وكان قرار إنشاء الهيئة العامة للترفيه، أحد القرارات الملكية التي تعزز خُطط وإستراتيجات المملكة المتوافقة مع رؤية 2030؛ لما يمثله قطاع الترفيه من أهميَّة بالغة في تنمية الاقتصاد السعودي، ومنح المدن قدرة تنافسيّة دوليّة.

وتعمل الهيئة على اقتراح مشروعات الأنظمة والسياسات التنظيمية المتعلقة بنشاط الترفيه، واستكمال الإجراءات النظامية، إضافة لوضع الإستراتيجيات والخطط والبرامج اللازمة لتنظيم قطاع الترفيه في المملكة، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في القطاعين الحكومي والخاص، وإقامة الدورات التدريبية، واستقطاب الكفاءات لتطوير قطاع الترفية والعمل على وضع معايير إقامة النشاطات الترفيهية ومراقبة تطبيقها.

تعليق عبر الفيس بوك