عمان والسعودية.. مستقبل مشرق

حمود بن علي الطوقي

أتيحت لي فرصة السلام والتَّحدث مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وذلك أثناء انعقاد القمة الخليجية العربية والإسلامية التي استضافتها المملكة العربية السعودية عام 2017، رغم أنَّ الحديث مع جلالة الملك لم يتجاوز الدقيقة، إلا أنني عبَّرت له كصحفي عن عُمق العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين الشقيقين؛ عُمان والسعودية.

واستحضرُ في هذا المقام اللقاء التاريخي في ثمانينيات القرن الماضي الذي جمع الوفد العُماني رفيع المستوى بنظيره السعودي؛ حيث قال الملك فهد بن عبدالعزيز- رحمه الله- مخاطبًا المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- إنَّ العلاقات بين البلدين الشقيقين تاريخية، وهذا اللقاء تثبيت لهذه العلاقات التي بها صفة الاستمرار وهي علاقات تتطور ببركة الشعبين الشقيقين.

اليوم نحن نجني ثمار استمرار هذه العلاقات المُتميزة بين البلدين الشقيقين؛ حيث نرى الرغبة المشتركة لتنميتها في مختلف الأصعدة نظرًا لتقارب العديد من الوجهات في دفع هذه العلاقات إلى مستويات متقدمة.

اليوم يعلن الأشقاء في المملكة العربية السعودية رغبتهم الجادة في رفد العلاقات الاقتصادية والتجارية ورغم أن المؤشرات التجارية والاستمارية على مدار الخمسة عقود الماضية تشهد تطورًا ملموسًا، إلا أنَّ الرغبة المشتركة لتنمية العلاقات بين البلدين الشقيقين أصبحت واضحة المعالم، ورحبت السلطنة بتعزيز العلاقات وإقامة مشاريع تجارية ذات قيمة مضافة. واطلع المستثمرون في المملكة على 150 فرصة استثمارية في السلطنة بقيمة تصل إلى نحو 1.5 مليار ريال عُماني.

لا شك أنَّ البنية الاقتصادية العمانية جاهزة لاستقبال هذه الاستثمارات السعودية؛ حيث تتوافر المناطق الاقتصادية الحرة في كل من صحار وصلالة والدقم وهذه المناطق مكتملة الأركان وجاهزة لإقامة أية مشاريع بمختلف الأحجام سواء كانت صناعية أو سياحية أو زراعية ومشاريع الطاقة المتجددة وكذلك المشاريع المتعلقة بالخدمات اللوجيستية وهذه الأخيرة قد تكون فرصة مشتركة حيث أطلقت المملكة العربية السعودية استراتيجة النقل. والخدمات اللوجستية وهذه تعتبر فرصة سانحة للبلدين خاصة في ظل الإعلان عن فتح الطريق البري الذي سيربط بين البلدين وسيكون هذا الطريق المنفذ المهم لانتقال السلع وبالتالي سينعكس ذلك تنمية ورفعًا لحجم العلاقات والمبادلات التجارية بين البلدين الشقيقين.

من المهم حالياً أن نسابق الزمن عبر تسهيل وتيسير الإجراءات لنحقق الرؤية المشتركة التي تتطلع إلى تجاوز التحديات بحيث نرى دوران عجلة هذه المشاريع على أرض الواقع.

نحن كشعبين شقيقين فرحنا بهذا التلاقي في الأفكار، وقد أطلق المغردون في البلدين وسم "#عُمان_والسعودية_مستقبل_مشرق"؛ حيث عبر المواطنون عن فرحتهم بالمستوى المتقدم في العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة، ولعل حكمة القيادتين حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله ورعاه- رسمت خارطة الطريق لجعل العلاقات بين الشقيقين مصدر فخر واعتزاز.

بالإمكان أن تثبت هذه الاستثمارات السعودية الصخمة أقدامها في المناطق الحرة العمانية خاصة منطقة الدقم الاقتصادية والتي تتميز بموقعها الاستراتيجي بوجود بنية تحتية مكتملة حيث استثمرت الحكومة الرشيدة في تجهيز المرحلة الأولى من البنية التحتية استثمارات تتعدى 3 مليارات ريال، وهذا مما لاشك فيه سيكون عامل جذب لأية مشاريع من الشقيقة المملكة العربية السعودية ويمكن من خلال هذه الاستثمارات في مشاريع الطاقة والبتروكيماويات والخدمات اللوجستية استعادة الروح من جديد لإعادة إحياء مشروع القطار الخليجي. ويمكن أيضًا للجانب السعودي بما يملك من الخبرات من خلال شركة أرامكو أن يستثمر في رفد قطاع النفط والغاز وهذا سيشكل منظومة التكامل الاقتصادي وسيوفر فرص عمل لمواطني البلدين الشقيقين.

هناك جهود تبذل ورؤية مشتركة ولابد ألا تعرقل هذه الجهود بل تدعم من قبل قيادة البلدين ولعل وجود هذه الشركات السعودية الكبيرة سيخلق فرص عمل لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين، كما ستسهم في انتقال الخبرات بين البلدين وبذلك ستتمكن كل من السلطنة والمملكة العربية السعودية من تحقيق متطلبات رؤية عُمان 2040 ورؤية المملكة 2030.

نسأل الله أن يُكلل هذه الجهود بالنجاح وتنطلق العلاقات بين البلدين إلى آفاق جديدة مُعلنة العزم والحزم في رؤية مشتركة أساسها الاحترام المُتبادل.