الميدان التربوي وتطوير المناهج

 

علي بن حمد المسلمي

aha.1970@hotmail.com

 

يزخر الميدان التربوي بالعديد من الكفاءات المخضرمة والشابة التي تمَّ تأهيلها وإعدادها في الجامعات والكليات التربوية داخل السلطنة وخارجها فلسفيًّا وعلميًّا وتربويًّا؛ بالإضافة إلى الخبرات التراكمية التي اكتسبتها من خلال العمل الميداني وكما يقال " أهل مكة أدرى بشعابها". إلا أن اللافت للنظر، توجد إشارات بسيطة في اللجان المشكلة للمشاركة في تأليف المناهج من العاملين في الحقل التربوي الميداني؛ ممن تراه اللجنة مناسبًا للاستعانة بهم للولوج إلى هذه اللجان، كالمعلمين مثلاً.

والهيكل التنظيمي للمدارس يتكون من إداريين ومعلمين واختصاصيين ووظائف أخرى وهم إدارة تنفيذية، تنفذ ما يوكل إليها من أعمال، وفق السياسات التربوية في النظام التعليمي. ونجاح أي نظام تعليمي يتوقف على تعزيز المشاركة من قبل المستفيدين الداخليين؛ كالمعلمين والطلاب والعاملين والخارجيين، كأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المحلي والحكومي والخاص. ويتوقف الحكم عليهم على جودة النظام التعليمي من عدمه من خلال جودة المخرجات التعليمية.

وفي ظل تطوير التعليم ونظامه وفق رؤية "عُمان 2040" وترجمة للتوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- شرعت وزارة التربية والتعليم في تشكيل لجان لتطوير المناهج الدراسية في التعليم الأساسي وفي مسار التعليم المهني والتقني في التعليم ما بعد الأساسي.

غير أنه ينبغي الإشارة إلى أن الميدان التربوي زاخر بالكفاءات التربوية المؤهلة القادرة التي تستطيع أن تمسك زمام المبادرة وتشارك في تأليف المناهج الدراسية في مختلف التخصصات وهي الأدرى بالواقع التربوي ومكنوناته الإيجابية والتي تحتاج إلى تحسين وتطوير وفق فلسفة وأهداف التربية والتعليم لاسيما ونحن نعيش عالماً متطوراً في اللحظة والتو ومتقلباً تعصف به الأزمات والدليل على ذلك ما تم في الأزمة الحالية أزمة كوفيد-19 في ظل تطبيق التعلم عن بعد من قدرة على التعامل مع المواقف والأزمات الطارئة.

يجب إتاحة الفرصة وتعزيز الثقة في الموارد البشرية في وزارة التربية والتعليم في الميدان التربوي، وذلك عن طريق تنظيم مُسابقة تربوية من قبلها تشترك فيها كل مُحافظة تعليمية لتأليف الكتب المدرسية بحيث تؤلف كل منها منهجاً من المناهج التعليمية يسند إليها لمادة معينة المراد تطويرها نابعة من الميدان التربوي قلباً وقالباً، ويتم تقييم هذا المنهج وفق المعايبر المعدة سلفًا في تأليف المناهج الدراسية وبعد الحكم على جودته من قبل خبراء المناهج، يُكرم أعضاء هذا الفريق ثم يطبق هذا المنهج في المحافظات التعليمية الأخرى. كما ينبغي مشاركة مجلس أولياء الأمور وأعضاء من مؤسسات المجتمع المحلي والحكومي أصحاب الخبرة في تأليف المنهج الدراسي وهم أطراف خارجيين للحكم على جودة المنهج التعليمي بعد تطبيقه.

وتكامل مشاركة الأطراف المستفيدة من العملية التعليمية في تأليف المنهج يعزز من نقاط القوة مما يكسب مخرجات النظام التعليمي قوة في اكتساب المهارات التعليمية ولاسيما أن دول العالم أصبحت تركز على المهارات في التعليم كالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً؛ حيث وقع رئيسها السابق مرسومًا بهذا الخصوص.

إن الواقع يشي بحتمية مشاركة العاملين في الميدان التربوي والأطراف الخارجية المستفيدة الأخرى حتى تكون هذه المناهج نابعة من صميم المجتمع العُماني وعاداته وتقاليده وقيمه وتراثه وخيراته وخبراته ومهاراته مع الأخذ بالتكنولوجيا الحديثة في تشريبه ليتواءم مع روح العصر ويتسلح أبناؤه بالمهارات المطلوبة في سوق العمل العماني والعالمي، كما قيل في الأثر "لا تربوا أولادكم كما رباكم آباؤكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".

تعليق عبر الفيس بوك