◄ البرنامج يكشف عن القدرات البحثية الوطنية المؤهلة والمهتمة بالتراث الثقافي
◄ الشخصيات العمانية المشتغلة في التجارة والصناعة من أبرز المشاريع
◄ المشاريع تتضمن اللهجات واللغات في عُمان والحكايات والأساطير المرتبطة بالأمكنة
◄ 10 عقود بحثية مدعومة ضمن البرنامج حتى نهاية 2020
الرؤية- مدرين المكتومية
يمثل البرنامج الاستراتيجي لبحوث التراث الثقافي العماني، وحدة بحثية تعنى بالتراث الثقافي في سلطنة عُمان، وتوظيفه في التنمية المستدامة من خلال إجراء دراسات بحثية نوعية في التراث الثقافي العماني؛ وذلك وفق أولويات ومحاور محددة بهدف حفظ وتوثيق مواد التراث الثقافي العماني المادي وغير المادي.
ويعمل البرنامج على بناء قدرات وكفاءات في المجال البحثي للتراث الثقافي، وبناء شراكات وسبل تعاون في المجالات البحثية بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومختلف الجهات الحكومية المعنية، كما يعزز البرنامج أيضًا دور الثقافة المحلية والمساهمة في نشر مواد التراث الثقافي المادي وغير المادي داخل السلطنة وخارجها. فالبرنامج منذ بداية تدشينه في العام 2016 ركز على دراسة التراث الثقافي في عمان من حيث القيمة والجدوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يقوم عليها ليكون مصدرا تربويا وعلميا وثقافيا وفنيا واقتصاديا.
ويترجم البرنامج الجهود المتواصلة التي تبذلها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار؛ لدعم المشاريع البحثية الاستراتيجية والتي تدرس مجالات علمية محلية ذات اهتمام وطني للاستفادة من نتائج هذه البحوث في المساهمة في مختلف مجالات التنمية بالسلطنة.
رؤية البرنامج
وتنطلق رؤية البرنامج، من أهمية التراث الثقافي بوصفه مادة استراتيجية لها قيمة تنموية واقتصادية، فهو يقوم على دراسة مواد التراث الثقافي بشكل علمي ومنهجيات حديثة بغية الوصول إلى مجموعة من الأهداف الاستراتيجية المرتكزة على مفاهيم القيم والهوية والأصالة من ناحية، ومعايير التنمية والتقنية والمعاصرة من ناحية أخرى، ليكون رافدا مهما من روافد الخطط الاستراتيجية المتعلقة بالتنمية الوطنية المستدامة بشكل عام، وبتنمية التراث الثقافي في عُمان بشكل خاص.
ويسعى برنامج التراث الثقافي العماني إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الإستراتيجية العامة أهمها توفير بيئة محفزة لبحوث التراث الثقافي العماني حيث أوضح تحليل الواقع - رغم قلة عدد الباحثين في المجال- أنه يمكن زيادة أعداد البحوث وجودتها عن طريق تذليل الصعوبات والتحديات التي تواجه الباحثين، ومن أهم العوامل المؤثرة سلبا على البيئة المحفزة هي قلة أو صعوبة الحصول على البيانات والمعلومات الضرورية لإجراء بحوث رصينة وعدم وجود آليات للتواصل مع الباحثين في الجهات المسؤولة والمختصة في التراث الثقافي والتعاون فيما بينها، ولهذا فإنَّ توفير البيئة البحثية المحفزة للتراث الثقافي سيؤثر إيجابا بشكل مباشر على أعداد البحوث وعلى زيادة أعداد المهتمين والعاملين في التراث الثقافي وبحوثه ويحفز المتخصصين والباحثين من التخصصات الأخرى مثل الهندسة والزراعة والتجارة على دراسة التراث الثقافي كل من منظورة البحثي.
ويؤكد القائمون على البرنامج ضرورة إنشاء آليات للتواصل والحوار بين جميع فروع بحوث التراث الثقافي كتوفير البيانات والمعلومات الضرورية لإجراء البحوث وعقد حلقات عمل متخصصة، ووضع قائمة بالرواة، وتشجيع مؤسسات القطاع الخاص ذات العلاقة على بناء علاقات تعاونية مع الباحثين، إضافة إلى تعزيز دور الجهات المختلفة في الدولة في جمع وحصر وتوثيق مختلف مواد التراث كتعزيز العمل مع الجهات المختصة على إنشاء نظام للمعلومات يحتوي على قواعد بيانات شاملة لمواد التراث الثقافي جميعها.
تحقيق التميز البحثي
ووضعت الحكومة الخُطط التنموية الشاملة، بهدف رفع مستوى رفاهية المواطن وتعزيز ارتباطه بالإرث الحضاري، ولهذا كان التراث الثقافي جزءًا مهمًا من التنمية المستدامة للدولة، ورغم كل الجهود المبذولة ما زالت مساهمة القطاع الثقافي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية أقل من المرجو أو المخطط له. ويعود ذلك إلى عدم وصول القطاع إلى المستوى المطلوب في التميز البحثي، ويمكن إرجاع ذلك إلى عدة أسباب منها طبيعة البحوث في التراث الثقافي على مستوى الدولة مما أدى إلى تشتت الجهود البحثية والدعم المالي وبالتالي إلى غياب التراكمية، وعدم وجود آليات تعمل على رفع التميز في بحوث التراث الثقافي، وعدم وجود برامح بحثية مستمرة على مستوى الدولة لدعم البحوث في هذا المجال. ولتفادي ذلك لابُد من إنشاء آليات للتواصل والحوار بين فروع التراث الثقافي جميعها؛ كتمويل بحوث علمية في مجال التراث ترتبط مباشرة بالتنمية المستدامة، وتشجيع الباحثين على تكوين فرق بحثية مشتركة مع باحثين عالميين، وإيجاد آلية لنشر البحوث والدراسات المتصلة بالتراث، ودعوة المؤسسات الأكاديمية المحلية والعالمية للمشاركة في برنامج التراث الثقافي. وتعزيز دور الجهات المختلفة في الدولة في جمع وحصر وتوثيق مختلف المواد كوضع برنامج تدريبي لتطوير قدرات الباحثين وتحفيز الباحثين لتطوير بحوث التراث الثقافي وتجويدها علميًا.
وما يميز التراث الثقافي العماني هو ذلك التنوع والعمق في الإرث الحضاري والتاريخي والاجتماعي والاقتصادي والطبيعي وهذا الغنى الثقافي يضع المسؤولين أمام تحدٍ في بناء سعة بحثية كافية مؤهلة في مجال التراث الثقافي. لتكون قادرة على الخوض في أسراره بمنهج علمي رصين يأخذ في الاعتبار خصوصية المجتمع ويعزز التراث الثقافي بالتنمية المستدامة ولهذا فإنَّ دراسة التراث تتطلب أعدادا كبيرة من الباحثين والفرق البحثية المساندة من تخصصات متعددة، لذلك فإن البرنامج يهدف إلى زيادة السعة البحثية من خلال زيادة أعداد حملة الشهادات العليا في مجال التراث الثقافي مع الأخذ في الاعتبار خصوصية بحوث التراث الثقافي من حيث تنوع التخصصات والمهارات المطلوبة في إجراء البحوث الرصينة وزيادة عدد المشاركين من العمانيين في الفرق البحثية في مجالات التراث الثقافي بأنواعها.
كما إن التعاون مع المؤسسات الأكاديمية في السلطنة يساعد على بناء السعة البحثية في مجالات التراث الثقافي كتضمين معرفي في مجالات التراث وعلومه في التخصصات ذات العلاقة، وزيادة عدد طلاب الدراسات العليا في مجال التراث الثقافي، ورفد الفرق البحثية بمجموعة من طلاب الدراسات الجامعية والدراسات العليا.
نقل المعرفة
وتمثل البحوث العلمية ركيزة أساسية لرقي المجتمعات ولحاقها بركب الحضارات، ولهذا فقد بُنيت استراتيجية البحث العلمي على اعتبار أن البحوث العلمية من أهم أسس منظومة الابتكار في السلطنة، ولهذا كان من الضروري أن يسعى البرنامج لتوظيف مخرجات البحوث في المنظومة الإبداعية والابتكارية للسلطنة؛ وذلك عن طريق تزويد صناع القرار بنتائج البحوث والدراسات للاستعانة بها في تنظيم العمل الخاص بالتراث الثقافي وتعزيز دور الجهات في وضع خطة علمية للتعريف بالموروثات الثقافية وبأهميتها محليا ودوليا وإعادة إنتاجها للحفاظ على مضمونها وجوهرها، إضافة إلى ذلك فإنَّ اكتساب القيمة المضافة (اقتصاديا) لبحوث التراث الثقافي يتطلب العمل على تعميق الوعي بأهمية التراث الثقافي من خلال توثيق الصلة بين المواطن وتراثه ليقوم عن قناعة وإدراك بالحفاظ عليه والدفاع عنه، ووعيه بالفرص الاستثمارية الكامنة فيه.
وعُقدت الكثير من المحاضرات وورش العمل والفعاليات للتعريف بالبرنامج في الكثير من محافظات السلطنة؛ بغية التعريف بالبرنامج وأهدافه السامية إلى جميع شرائح المجتمع، ناهيك عن الأخبار الصحفية لأنشطة البرنامج في جل وسائل الإعلام العمانية المختلفة. كما نظم البرنامج مجموعة من حلقات العمل لتأهيل الباحثين وتعريفهم بالأساليب العلمية المختلفة لتنفيذ مثل هذه المشروعات بُغية الوصول إلى أفضل النتائج كذلك أقيمت ورش عمل خاصة للباحثين الذين يرغبون في خوض إجراء البحوث في المواضيع المتعلقة بالبرنامج اشتملت الخطة أيضًا على محاضرات وحلقات وندوات؛ منها حلقة القوانين المنظمة للتراث الثقافي، وفعالية إعداد ملفات عناصر التراث الثقافي غير المادي للتسجيل في اليونسكو، وفعالية استثمار موارد التراث الثقافي اقتصاديا، وحلقة تبويب وتصنيف التاريخ الثقافي، وفعالية فرص الاستثمار في التراث الثقافي العماني، وتجارب توثيق الحارات العمانية، والندوة الوطنية (التراث الوثائقي "برنامج ذاكرة العالم نموذجاً)، وجلسة حوارية بعنوان "التاريخ الثقافي ووعي المجتمع"، وفعالية ربط الحكايات والأمثال الشعبية بالمناهج الدراسية.
المشروعات البحثية
أما فيما يتعلق بالمشروعات البحثية للمرحلة الأولى من البرنامج، فهناك مشروع الشخصيات العمانية المشتغلة في التجارة والصناعة، ويتناول هذا المشروع الفترة ما قبل الإسلام إلى عام 1970؛ نظرا لتعدد الشخصيات العمانية في مختلف المجالات، كان من الضرورة توثيق هذه الشخصيات من مؤرخين وملاحين وتخليد إنجازاتهم، وأيضًا دراسة الشخصيات السياسية مثل السلاطين والقادة. وسيتم عرض دراسة الشخصيات الأدبية من شعراء وكتاب بالإضافة إلى دراسة الشخصيات الاقتصادية من تجار وصناع وغيرهم، وشمل هذا المشروع محافظة الداخلية ومحافظة ظفار ومحافظة مسقط ومحافظة مسندم. الجدير بالذكر أن وزارة التربية والتعليم هي الراعية لهذا المشروع.
ويهدف المشروع إلى دراسة الشخصيات العمانية التي أسهمت في المجالين التجاري والصناعي زمانيًا ومكانيًا وتوثيقها، وبيان الدور الحضاري لعُمان من خلال تواصل التجار العمانيين مع مختلف الشعوب والأمم، واستثمار الإسهام التجاري والصناعي العماني خلال الحقب التاريخية في التنمية المستدامة، وإبراز دور التجار والصناع العمانيين إعلاميا وسينمائيا. تكمن أهمية دراسة هذا المشروع في تسليط الضوء على الشخصيات العمانية التي كان لها دور بارز في النشاط الاقتصادي بمختلف جوانبه على مر العصور، وإبراز المدن العُمانية التي ظهرت فيها هذه الشخصيات وكيف أسهمت مقومات تلك المدن وخصائصها في تعزيز نشاطها التجاري محليًا ودوليًا، وإظهار بعض الشخصيات المشتغلة بالتجارة والصناعة التي لم تنل حظا من التدوين والتوثيق، وبيان أثر هذه في مختلف الجوانب الحضارية (الاقتصادية – السياسية – الثقافية –الاجتماعية) داخل السلطنة أو خارجها، وتوظيف الإنجازات الحضارية التي حققتها الشخصيات العمانية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتوفير مادة علمية عن الشخصيات العمانية والمشتغلة في التجارة والصناعة لإنتاج روايات وأفلام وثائقية.
اللهجات واللغات في عُمان
ويعد التنوع اللغوي جزءًا مُميزًا من التراث الثقافي الغني في السلطنة، وتشكل اللغات المحكية المهددة بالاندثار في السلطنة كنزًا ثقافيًا للمجتمعات التي تتحدث بها وللباحثين والمهتمين بهذا المجال؛ وذلك باعتبار أن كل لغة من هذه اللغات تجسد قيمة محلية وثقافية فريدة لمنطقة والمجتمعات التي تتحدث بها. لذلك فإنَّ أي جهد للحفاظ عليها يصب في مصلحة المجتمع المحلي بالدرجة الأولى كما يسهم في تطوير مجال العلوم الإنسانية، شمل هذا المشروع عدة فرق بحثية لدراسة اللغة الكمزارية العامية المحكية في سلطنة عمان، وحصر وتوثيق النقوش والرسومات والكتابات الأثرية على الحوائط الصخرية وحوائط المباني في ولاية العامرات بسلطنة عُمان والألفاظ الزراعية في لهجة أهل الرستاق دراسة معجمية الجدير بالذكر أنَّ وزارة الثقافة والرياضة والشباب هي الراعية لهذا المشروع.
وينطوي هذا البحث على أهمية كبيرة؛ حيث إنه يهدف إلى المساهمة في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي في السلطنة، وإثراء دراسة اللغات المحكية المهددة بالاندثار في السلطنة، مثل توثيق اللغة الكمزارية العامية المحكية في سلطنة عمان على شكل مادة لغوية محكمة متنوعة (نصية وصوتية ومرئية) بهدف نسخها وترجمتها وأرشفتها وإتاحتها لمجتمع والمهتمين بدراسة اللغة، وتوفير بيانات جديدة في مجال اللغات الهندو-إيرانية للباحثين والمهتمين في دراسة وتحليل هذه اللغات. وستعكس مثل هذه الأبحاث ثراء الثقافة العمانية وتعزز التنوع العلمي في مجالي دراسة اللغة والأدب العماني، وتشجيع الناشرين على توثيق ونشر الحكايات الفلكلورية وقصص الأطفال مما يضمن استمرارية هذه اللغات للأجيال القادمة، إضافة إلى أنَّ توثيقها يُحافظ عل التنوع الثقافي والأدبي في عُمان.
الحكايات والأساطير
ويسعى الفريق البحثي الذي يعمل على مشروع الحكايات والأساطير المرتبطة بالأمكنة، إلى إيجاد دراسة تطبيقية عملية لمشروع جمع وتوثيق الحكايات والأساطير المرتبطة بالأمكنة، بحيث يكون هذا المشروع قابلاً للتطبيق ومحققًا للأهداف التي من أجلها قام مشروع الجمع والتوثيق والذي من أجله سيتم تنفيذ هذه الدراسة. ويشمل هذا المشروع عدة محافظات منها محافظة الداخلية؛ حيث يرأس الفريق البحثي الدكتور يعقوب بن سالم البوسعيدي، أما بالنسبة لمحافظة شمال الباطنة فيرأس الفريق البحثي الدكتور علي بن سالم المانعي، وفي محافظة ظفار يرأس الفريق الدكتور أحمد بن علي المعشني. ويأتي المشروع برعاية من وزارة التراث والسياحة.
