هل هذا كل ما نملك؟ البحوث العلمية نموذجًا

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

الإنسان- أي إنسان على وجه الأرض- لديه مكامن للتخاطب والتجاوب مع كل المُعطيات والمُستجدات؛ بل والمطالب الحياتية، وفي حين أننا نذهب للحلول في استجداء عقول البشر ومن خلال القوانين والنظم للعمل والعطاء والنجاح على مستوى الدول، فإنَّ مشرّع هذه الأفكار قد لا يكون أكثر معرفة وسمة من درجة علمية يرى جوانب مُعينة تعلمها ويجتهد في تطبيقها مُعتقداً النجاح في مهمته من خلال الأوامر.

في حين أنَّ مُخاطبة العقول البشرية التي هي المحرك الفعلي لأي نجاح في العطاء والعمل هي من يحتاج إلى أسلوب وطرق في المخاطبة. فمثلاً الذي تتمناه أي دولة أن القطاع العام يقوم بدور أفضل لتزيد من إنتاجه وتتعامل مع المال والاستثمار والمحافظة على الملك العام  بطرقٍ أفضل، حتى إن الأماني تذهب إلى أن لا يرمي أي إنسان بأي مُخلفات أو يتركها بعد مكوثه في أيِّ مكان ولكن هناك جانب مخفي مع كل ذلك الطموح وأولها أنَّ الشعب عليه أن يُدرك أهمية ذلك بل وأن يُؤمن به بل إنه المالك الحقيقي.

أما الأهم والأبعد عُمقاً فهو أن يقتنع أنه جزء مؤثر وله قيمته وأنَّ نتاج عمله مُقدّر وواضح وله نسبةٌ مناسبة من ذلك النجاح والعكس صحيح، أما الإجابة من الزاوية الأبعد للحضارات في التاريخ فإنها صنفت النَّاس إلى نوعين الأول هو ذلك الإنسان الناجح الفاعل المتبع والمطبق للقانون والقائم بكل ما هو مؤمل منه والثاني هو ذلك الإنسان الخارج عن كل ما ذكر غير أن المشكلة في هذا الجانب أن جهد المسؤولين لا يُمكن أن يقف لتسيير الأمور وحسب دون وجود الشجاعة الأدبية والأخلاقية التي تفند البشر وتعطيهم حقوقهم وتحاسبهم على تقصيرهم وتطبيق ذلك بكل مصداقية وبذلك فعندما يرى الناس أنَّ شخصاً معيناً حصل على شيء فإنَّ ذلك يعني وبكل وضوح واقتناع  أنه مستحق لذلك وإلا فلا داعِ للدعوة إلى العمل الجاد.

دعوني أحبتي الكرام أبسّط الأمر كثيراً، فلو أنَّك تمتلك شركة صغيرة وأن العمالة تستلم راتبها الشهري ثابتاً ومُحدداً وبعيداً عن كل قياس، فما هو إنتاجها في عدد أمتار البناء مثلاً، في حين كم عدد أمتار البناء لو أن نفس العمالة تعلم سلفاً أنَّ مبلغاً محدداً  لكل متر سيتقاضاه مُقابل ذلك المتر، فهل تعلم أن الفرق سيكون أكثر من أربعة أضعاف على الأقل، ومن يعتقد أن مخاطبة البشر بلغةٍ أخرى فهو مؤكد يقيس الأمور من بين سطور القراءة الأكاديمية وليس من الواقع العملي.

وأخيراً.. فإنَّ أمنيتي العظيمة أن نسقط هذا الأمر ونجربه مع البحوث العلمية بحيث نبعد تلك المناصب والدوائر وصرف الأموال عليها لمجرد التنظير والحديث والتصفيق إلى أمرٍ محدد تماماً وهو أنَّ مسابقة البحوث مستقبلاً لن يتم قبول أي بحث أو تجربة إلا إذا كان قد تم تطبيق ما بها من فكرة وتم الاستفادة منها فعلياً وعملياً أكان ذلك على المستوى العالمي أو المحلي وما دون ذلك نعتبره بحثاً في تعلم كتابة البحث ليس أكثر وأن تكون جوائز البحوث الفائزة مبالغ تصل أرقامها إلى الملايين ويتم الإعلان عنها والترويج لها بما تستحق وسيتذكر الجميع كيف يمكن تطوير الأمور كلها وكذلك كيف يمكن  لعقول الوطن أن ترفع من سقف الفكر وتتماشى مع ما هو مطلوب وسينقل البحث إلى العالمية وفي سرعة لا تصدق ومن يعتقد أن جائزة بحث علمي مليون أنها كثيرة أريد أن أقول له إن بحثاً حقيقياً يمكن أن يرفد ميزانية دولة بأكملها فلننظر إلى أعلى الأفق بشجاعة وحكمة.