د. خالد بن علي الخوالدي
السلطنة من الدول الجاذبة للاستثمار في مختلف القطاعات، ورغم مرور 50 عامًا على النهضة الحديثة، إلا أنها لا تزال أرضًا بكرًا وواعدة، فيما تبذل الحكومة جهودًا جبارة ومتسارعة لتشجيع الاستثمار في البلد، وواقعيًا إننا جميعًا شركاء في دعم قطاع الاستثمار في عُمان الغالية، وهذه المسؤولية ليست مسؤولية مؤسسة حكومية، كما يتصور البعض وإنما مسؤولية مشتركة، والاستفادة من الاستثمار تعم فوائدها الإيجابية على الجميع.
وبما أنَّ العملية تشاركية فكل واحد من أبناء هذا الوطن يستطيع أن يكون مساهمًا في الاستثمار التجاري والاقتصادي والسياحي والترويجي لهذا الوطن العزيز الذي يحتوينا ويجمعنا تحت مظلة السلام والمحبة والأمن والأمان، وهي قواعد أساسية تقودنا إلى أهمية استغلالها والتمسك بها فالسلام الذي يشع من هذه الدولة العظيمة لابد من استثماره الاستثمار السليم والترويج لقيم المحبة والإخاء والتسامح التي يتميز بها الشعب العماني والتي هي مصدر جذب لكل الشعوب المحبة لهذه القيم، واستثمار الأمن والأمان هو واقع يبحث عنه المستثمر فكما يقال بأنَّ صاحب رأس المال جبان وإذا لم تتوافر له هذه الميزة قد يهرب من أي دولة ولن يضع أمواله فيها، ونحن ولله الحمد والمنة نملك هذه المميزات والقيم والأخلاق العالية التي تربينا عليها منذ نعومة أظافرنا.
وطالما نملك كل هذا، فلماذا لا ندعم التوجه الحكومي لتشجيع الاستثمار في البلد ونكون اليد اليمنى التي تساهم وتشارك وتبني؟ لماذا لا نكون نحن الشريك الفاعل في الترويج لبلدنا بالقول والفعل؟ لماذا لا نجعل وسائل التواصل الاجتماعي تضج بالإيجابية وتلميع صورة الوطن الذي نحب بمقوماته الطبيعية والبشرية؟ لماذا لا نبتعد عن السلبية وتصيد الأخطاء والتركيز على نقاط الضعف؟ لماذا لا يكون نقدنا لأجل البناء وليس تشويها لسمعة وطننا؟ لماذا يركز البعض على زيادة المتابعين والبحث عن الشهرة حتى لو على حساب الوطن؟ وهل حقًا نحن نحب وطننا ونسعى لرفعته عندما نوجه سهام النقد الهدام ونشر الإشاعات والبحث عن الأخبار السلبية التي انتشرت قبل سنوات لنعيدها للواجهة من جديد تحت مُسمى (خبر عاجل)؟ وهل نفكر فعلاً في مستقبل الوطن أم نجعل هذا التفكير مسؤولية حكومية بحتة ونحن ننتظر النتائج إذا كانت إيجابية نصفق لها وإذا سلبية هاجمنا وتذمرنا وصرخنا بأعلى أصواتنا إنكم (فاسدون)؟ هل نشعر حقاً أننا في قارب واحد (الحكومة والشعب) وبأن مستقبلنا مشترك أم كل يعمل في قارب مختلف؟
أسئلة كثيرة ومُحيرة ولكن إجاباتها سهلة وبسيطة، إذا ما آمنا بأن الوطن واحد وأن المسؤولية مشتركة وأن النجاح هو نجاح لكل المنظومة وليس لفرد أو جماعة، إذا ما شعرنا أننا جميعاً يمكن أن نكون مساهمين في رفعة الوطن وأن كل واحد منِّا قادر أن يروج لهذا الوطن من خلال تمسكه بالقيم والعادات والتقاليد والأخلاق العمانية الأصيلة، فكل واحد هو وطن بأكمله بداية من سائق سيارة الأجرة إلى أكبر موظف في الحكومة.
علينا أن نفكر في جعل عُمان بيئة استثمارية جاذبة، وهذا لن يتأتى لنا إلا إذا كنَّا جميعًا نعمل لتحقيق هذه الغاية وتحت شعار واحد "عمان نبض واحد"؛ وهو شعار أثبت فعاليته في أمور كثيرة منها الرياضية والاجتماعية فلماذا لا نجعله شعار المرحلة القادمة فيما يخص الاستثمار الذي سينعش البلاد وستتوفر معه الوظائف وسيعم خيره البلاد من أقصاها إلى أقصاها، فكروا في مستقبلكم ومستقبل أبنائكم ووطنكم واستثمروا أخلاقكم وفكركم وحماسكم وجهدكم ومالكم لجعل هذا الوطن واحة جاذبة للاستثمار وسترون نتائج ذلك قريبًا إن شاء الله..
دمتم ودامت عمان بخير.