شباب عمان

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

اقتضت إرادة الله وحكمته أن يستخلفنا في أرضه جماعات وأفرادا، وكل منِّا كتب له رزقه وعمله وحياته وما كان له وما سيكون، وبالتالي فالله عزَّ وجلَّ جعل لهذا الكون نظاماً دقيقاً مُتزناً لا يشوبه التقصير ولا النقص، وجعلنا في هذا النظام نؤدي أعمالاً وأدوارًا كل حسب ما تحصل عليه من علوم ومعارف، وكل وفق قدرته الذهنية والعلمية والعملية، وجعلنا في مواقع مختلفة من البناء والعمل والإنتاج والخدمة عاملين، نتفاوت في الدرجات والرتب والمناصب كل حسب ذلك، ففينا الرئيس والمرؤوس، والحاكم والمحكوم، والراعي والرعية إلى ذلك كله.

ولهذا منذ الأزل كانت الأمم بهذا النظام وبهذه الكيفية، وجبلت على ذاك منذ أبينا آدم حتى قيام الساعة، ولما كانت سياسة الكون بهذا التدرج فإنِّه طلب منِّا التعلم وبسببه نعمل وننجز ونُقدم ونأتي ونذر، فبات لكل منِّا طموح في بناء نفسه وتطوير ذاته، وانطلق الجميع من هذه القاعدة، إلا عدم الأسوياء الذين هم على حيز كبير من الأرض، ومساحات لا بأس بها منها.

وحينما نأتي إلينا نحن العمانيين نجد أنفسنا في بيئة مُشابهة لأي بيئة من حيث إن بها ناس وبيوت وطرق ومدارس وخدمات،، إلخ، ونجد أنفسنا أيضاً في منطقة حباها الله جلَّ جلاله بخيرات كثيرة، وبنعم وفيرة. وقد عمل السُّلطان الخالد فينا السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- على استغلالها الاستغلال الأمثل بما نهض بعُمان إلى مصاف الدول المتقدمة والمتحضرة، فشرع رحمه الله وتغمده بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، في توظيف موارد البلاد فازدانت، ومضى يُوظف كل المقدرات الطبيعية في كل شبر من عُمان فبانت.

وتوجه- طيب الله ثراه- بما أوتي من حكمة وإلهام وعون من الله ومنذ البداية إلى النظر إلى أصحاب الأرض وهم العُمانيين بأنهم أساس التنمية، والعمل لأجلهم وفق تصور مستقبلي ورؤية بعيدة المدى هو الشغل الشاغل، إذ شكل ذلك هدفاً موازياً للأهداف الأخرى، ومدخلا ضروريا لبناء الدولة العمانية، ومرتكزا مهما في مسيرتها المباركة والمجيدة، التي كانت بقيادة وحكمة من لدن الرجل الذي بنى عمان جلالة السلطان  قابوس - طيب الله ثراه – حيث استهدفت خططه توفير الحقوق في الصحة والتعليم والإسكان والاحتياجات الإنسانية الأساسية وغير ذلك.

ومع التوجيهات السامية الكريمة التي جاءت من مولاي السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- بأن يتم توظيف الشباب في القطاعات العسكرية والأمنية، فقد وجدنا شباب عُمان اليوم ملبين للنداء؛ حيث جاؤوا من كل حدب وصوب فرحين مسرورين متجشمين الصعاب قاطعين المسافات البعيدة، رائدهم في ذلك الحصول على عمل.

إنَّ ما شاهدناه من زحف لجموع الشباب الراغبين في العمل في تلك القطاعات التي ذكرت، لهو شيء أولاً يدعو إلى المفخرة بشباب عُمان؛ إذ إنهم في سن وأعمار واحدة.

حقيقة هناك الكثير لم يحالفه الحظ في أن يكون في تلك المؤسسات والجهات العسكرية، إما بسبب الوزن أو الطول أو النظر أو أمر ما لم يكن في الحسبان، فرجع أؤلئك بحسب تعبيرهم خائبين حزينين؛ حيث ظروفهم تستدعي أن يعملوا ليساعدوا أهاليهم، إلا أنه أتت الرياح بما لا تشتهي السفن بحسب التعبير السائد.

وفي هذا السياق، أتمنى أن يتم إيجاد آلية لأؤلئك الشباب الذين لم يحالفهم الحظ، فهم شغوفون بالعمل والعطاء، خاصة في أن يكونوا عسكريين، فالاستفادة منهم في مجالات أخرى واجب تمليه الظروف وتحتمه المرحلة الحالية، فأن يتم أحتوائهم من الفراغ الذي يعيشونه والذي يولد أمورًا كثيرة ليست في الحسبان ينبغي أن يكون نهج المرحلة القادمة بإذن الله، واستبعاد شريحة كبيرة من الشباب لعدم انطباق الشروط عليهم، شكل صدمات وخيبة أمل في الأسر والبيوت والأهالي.

فرفقاً بأهاليهم وبالشباب أيضاً، وهناك مطلب مجتمعي بإيجاد طريقة للاستفادة منهم، ترجمة لحديث مولاي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في خطاب سابق قال فيه: إنَّ "الشباب هم حاضر الأمة ومستقبلها"، مؤكدًا ضرورة الاستماع لهم وتلمس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، وأنها ستجد العناية المُستحقة.

تعليق عبر الفيس بوك