إسماعيل بن شهاب البلوشي
لا أعتقد أنَّ هناك دولة أو حكومة على وجه الأرض تحمل هذه الروح الإيجابية الراقية من التَّجاوب السريع مع كل نبض وطني يُطلقه أبناؤها؛ وهذا أمر اختصت به عُمان والحمدلله رب العالمين، وكذلك فإنَّ الكم الهائل من وجهات النظر الوطنية الخالصة هي بالفعل محل تقدير الجميع وماعلينا إلا أن نتصفحها ونتتبع كل ما بها وذلك للحصول على قدر كبير من المعلومات وتسخيرها للمصلحة الوطنية العُليا.
بالنسبة للجهد المُقدَّر للحكومة من مختلف الجهات المعنية حول الباحثين عن عمل؛ فلا شك أنه سيُسهم في استيعاب أعداد لا بأس بها من خلال تلك الجهود، غير أني أنظر إلى الأمر من زاوية أخرى مختلفةٌ تمامًا؛ حيث إن خوفي الكبير ومن خلال أسلوب التعمين الحالي فإنَّ الباحث عن عمل يُنظر إليه وكأنه يفرض فرضًا قد يصل إلى غير المرغوب فيه، في بعض المؤسسات الخاصة، وتحديدًا تلك المُؤسسات التي يملكها ويديرها وافدون. وأعتقد أنَّ هذا الأمر أكثر من طبيعي، حتى وإن تمَّ القبول به فإنِّه سيكون في بيئةٍ طاردة للفكر والإبداع والتطوير، بل وحتى القبول بها والاندماج بشكل طبيعي وأنه سيكون في أدنى الرتب والكسب، فإنَّ هذا الأسلوب تحديدًا كبيرًا لمقدرة وطبيعة المواطن العُماني، وكأننا نقول له "لا تفكر.. لا تبدع"؛ حيث إننا سنوفر لك وظيفة تكون من خلالها مُحددًا في كل شيء، لا رأي ولا فكر ولا آفاق مفتوحة.. فمن خلال هذا الأسلوب سنكون حتمًا موافقين على إبقاء التحايل والتجارة المُستترة إلى أمدٍ بعيد، ناهيك عن غياب الاستمرارية الطبيعية للعمل.
إنَّ الإستراتيجية التي أرمي إليها اليوم والتي سأضع الخطوط العريضة لها، حتمًا تحتاج إلى جهدٍ وعمل وإبداع وأمانة وإخلاص، وليس من جهة بعينها، فلا فرق بين حكومة وشعب؛ بل إني أقولها وبوضوح إن الجهد المطلوب والحقيقي يكون أكثر من جهة الباحث عن العمل، لإثبات نفسه ومقدرته على المنافسة، وأن هذه الخطة ستُظهر وبكل جلاءٍ شخصياتٍ وستختفي أخرى، وستكشف وبكل وضوح عن الدوائر الحكومية ونظام عملها، والموظف المُجيد من غيره، بحيث نقوم بإحلال كل نشاط تجاري مملوك فعليًا من وافدين، وليس للمالك العُماني سوى الاسم ومبلغ زهيد بما يسمى "الكفالة"؛ وذلك بأن يملكه العُماني بنظام تحفيزي، ووقفة وطنية شاملة تأخذ بيده ليتمكن من إدارة هذه الأنشطة.
فمثلًا لو ضربنا أصغر الأمثلة ورش الألمونيوم في الولايات، لنُعطي تاريخًا محددًا ونقول إن الملك- وليس المهنة- للعُماني، وأن يقوم العُماني بالعمل كمسؤول ومالك له الربح والخسارة بنظام تحفيزي مُناسب، وعليه التفاوض والحديث مع أي زبون، ولا يحق لأي وافد أن يخاطب الزبائن، هنا مؤكد أنه سيأتي دور التحايل، لكن لو أمعنا النَّظر اليوم وسألنا كل المسؤولين في أي ولاية كم عدد الأنشطة المملوكة من عُمانيين فعليًا، فإني مُتأكد بأنهم معروفون تمامًا. وبذلك ومن خلال هذا الإحلال، يمكننا وبكل سهولة معرفة من هو قائمٌ على عمله، ومن هو مُخالف، وعلينا مُعاقبته من خلال أنظمة وقوانين رادعة مطبقة دون أي استثناء، ولا يحق ذلك لأي موظف حتى ولو كان بدرجة وزير، وبذلك فإنَّ الرسالة ستكون واضحة ومعلنة وصريحة، على أن تكون هذه الخطوة هي البداية، وعلى المعنيين البناء عليها وتعديلها وتطويرها بما يناسب المصلحة العامة والتقدم في كل الأنشطة الأخرى من خلالها.. المهم أن نبدأ، وبإذن الله سنصل إلى جوانب وفوائد أبعد بكثير من مجرد التوظيف؛ بل سنمتلك مقدّرات الوطن، وسنخفف وبقوة من تصدير العملة، بل ستظهر أجيال تتحدث عن الملايين.
أخيرًا.. أودُ أن أذكر هنا أن أيِّ دولةٍ على وجه الأرض يكون فيها القانون محل اختبار وتهاون واستغلال، فإن تلك الدولة لا يمكنها أن تُلحق بركب الحضارة مهما كانت غنية أو فقيرة، وستظل تُعاني إلى ما لا نهاية!