توجيه العباد إلى رب العباد

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

منذ أن تغيَّر العالم برُمته تغيَّر كل شيء معه سريعاً، فصار التَّهافت على أشده يضوع بالمفسدة أكثر من جلب المنفعة، وإذا ما أتينا إلى شرع الله ومنهاجه، سنجد في الأرض كافة تقصيراً في تمكينه وضعفاً في اتباع سنن الهدى وامتثال أوامر الله سبحانه وتعالى على النحو الذي يرضيه عنَّا، إلا من رحم ربي.

وحقيقة في هذا الجانب أذكر نفسي وإياك عزيزي القاري بقول الله تعالى وهو "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي النَّاس ويعفو عن كثير".

وهنا الله جلَّ جلاله يعفو عن كثير فكيف لو لم يكن ربنا تعالى يعفو عن الكثير وقتها كيف ستكون أحوالنا، ورغم ذلك بعض الناس لا تستشعر هذا، وليست نادمة أو آبهة بالتقصير ، ولا مؤثر فيها هذه الأحوال التي لا تسر أبداً.

وحينما نعلم أن الله جلَّ جلاله هو الوحيد القادر على رفع الوباء والبلاء والغلاء والمحن فقط نحن البشر نتسبب، فإنه من الأهمية بمكان الفرار والانصراف إليه تعالى مسرعين، حتى يرحمنا ويلطف بنا ونكون تحت معيته، والعمل أيضاً على توجيه العباد إلى رب العباد بطرق وأساليب مُختلفة.

وأولاً الاعتراف بأن ما يجري وما هو موجود وحاصل من أحوال سيئة، لا يرفعها ولا يذهب بها إلا الله تعالى، وحتى يذهب بها يجب أن يكون لدينا بادي ذي بدء يقين بذلك، وهذا وحده يحتاج إلى فهم وممارسة عملية في البيئات الإيمانية، ولو سألنا شريحة لا بأس بها من النَّاس وهم مسلمين وقلنا لهم ما هو اليقين على الله جل جلاله، لجأت الإجابة لا اعرف ولا نعرف، فسبحان الله، فيا ترى والحال كذلك من المسؤول عن ذلك هل الفرد نفسه أم المجتمع ومؤسساته، أم وأم وأم.

وهنا أقول لطالما نعلم أنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي وحده يكشف الضر فإنِّه من الأهمية بمكان تشجيع العباد على تعظيم الله وإحياء جهد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أوجد البيئات الإيمانية، وكذلك إيقاظ الإحساس والشعور في الأمة بمسؤولية ذلك.

إنه في الوقت الذي نعلم فيه بأهمية المساجد في الإسلام ودورها في المجتمعات، إلا أنه يجب توجيه العباد وحثهم على التقرب إلى الله تعالى ومعرفته المعرفة الحقيقية بأنه الضار والنافع والمحيي والمميت والمعطي والباسط والقابض والشافي، وهو مسير الكون من الذرة إلى المجرة، ولطالما جلَّ جلاله هو كذلك، فيجب أن نجلس يومياً في مجالس يعظم فيها جل جلاله، حيث من شأنها إخراج اليقين الفاسد بنا على الأشياء، والميل عن الدنيا إلى ما عند الله.

فأهمية قنوات الإعلام ومؤسساته في التوعية الهادفة والحث على ما تقدم ذكره أمر مهم، وما وصلت إليه الأمور من غلق المساجد بعد الصلوات مباشرة، حرم الكثير من المصلين من التقرب إلى الله كثيراً وقراءة القرآن والانفراد بالله عزَّ وجلَّ. 

إن بعض البيوت لربما لا يتحقق فيها التركيز والهدوء حتى يصلي صاحبها كثيرا أو يقرأ القرآن كثيرا أو يقيم أعمال الدين من حلقات التعليم أو حلقات قراءة القرآن، فإذا ما أراد الإنسان أن يبقى في المسجد ليُصلي لله ما شاء ويقرأ القرآن، يتفاجأ بمن يطلب منه مُغادرة المسجد.

ومن هنا أوجه كلمة من خلال مقالي هذا إلى المعنيين بتمديد وقت إغلاق المساجد خاصة  بعد صلاة الفجر لمدة ساعة، أي أن تغلق بعد الإشراق وكذلك الصلوات الأخرى، وإعطاء المصلين فرصة لمن يريد أن يبقى في التهجد والدعاء والقراءة لفترة زمنية مع الأخذ بالاحتياطات اللازمة.

 إن توجيه العباد إلى رب العباد وتعريفهم وإفهامهم بأنه حتى يترقى الإنسان مع الله يحتاج إلى بيئات ومجالس إيمانية مطلب ملح، وحينما سنعمد إلى ذلك حتماً ستتغير الأمور إلى الأفضل بإذن الله تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد.

تعليق عبر الفيس بوك